لجرانج الأفضل منها "الميكانيكا التحليلية" باثنين وأربعين سنة، وهي تحتفظ بأهميتها التاريخية لأنها صاغت النظرية الأساسية المعروفة الآن باسم "مبدأ دالامبير"، وهي أعسر تخصصاً مما يحتمله هضمنا العام، ولكنها عون كبير على الحسابات الميكانيكية. وقد طبقها في "رسالة في توازن السوائل وحركتها"(١٧٤٤)، وظفرت من الأكاديمية بإعجاب حملها على مكافأتها بمعاش من خمسمائة جنيه، لا بد أنه هدأ من ثائرة مدام روسو.
ومن مبدئه هذا من ناحية، ومن معادلة مبتكرة في حساب التفاضل، توصل دالامبير إلى صيغة لحركة الرياح. وأهدى كتابه "تأملات في السبب العام للرياح"(١٧٤٧) إلى فردريك الأكبر، الذي استجاب بدعوته للإقامة في برلين، ولكن دالامبير رفض، فأبدى بذلك من الحكمة وهو في الثلاثين أكثر مما سيبديه فولتير وهو في السادسة والخمسين. وفي "مقال عن نظرية جديدة في المقاومة السوائل"(١٧٥٢): حاول أن يجد صيغاً ميكانيكية لمقاومة الماء لجسم يتحرك فوقه، فأخفق؛ ولكن في ١٧٧٥، وبتكليف من طورجو، أجرى هو وكوندورسيه والابيه بوسو تجارب أعانت على تقرير قوانين مقاومة السوائل للأجسام المتحركة على سطوحها. وفي أخريات عمره درس حركة الأوتار المتذبذبة، وأصدر (١٧٧٩)"مبادئ الموسيقى النظرية والعلمية" متبعاً ومعدلا طريقة رامو؛ وقد ظفر هذا الكتاب بثناء عالم الموسيقى الشهير تشارلز بيرني. ويمكن القول أن دالامبير أوتي في مجموعة عقلا من أذكى وأرهب العقول في هذا القرن.
وعرض فردريك الأكبر وظيفة عميد أكاديمية برلين على دالامبير حين استقال موبرتبوس. وكان الرياضي-الفيزيائي-الفلكي-الموسوعي رجلا رقيق الحال ولكنه رفض المنصب في أدب، ذلك أنه كان يعتز بحريته، وبأصدقائه، وبباريس. واحترم فردريك بواعثه، وأرسل إليه معاشاً متواضعاً من ألف ومائتي جنيه بعد استئذان لويس الخامس عشر. وفي ١٧٦٢ دعته كاترين الكبرى إلى روسيا وأكاديمية سانت بطرسبورج، فرفض الدعوة، لأنه كان الآن عاشقاً. وأصرت كاترين، ربما بعد علمها بهذا وطلبت إليه أن يحضر "ومعك كل أصدقائك"، وعرضت عليه راتباً