في "الحرارة الكامنة": فحين تكون مادة ما بسبيلها إلى التغير من الحالة الجامدة إلى حالة السيولة أو من السيولة إلى الغازية، فإن المادة المتغيرة تمتص من الهواء كمية من الحرارة لا يمكن ملاحظتها كتغيير في درجة الحرارة، وهذه الحرارة الكامنة ترد إلى الهواء حين يتحول غاز إلى سائل أو سائل إلى جامد. وقد طبق جيمس وات هذه النظرية في تحسينه للآلة البخارية. وكان رأي بلاك في الحرارة كرأي جميع أسلاف بريستلي، إنها مادة تزداد أو تتناقص دفئاً، وظلت هذه الفكرة سائدة حتى أثبت بنيامين طومسن، كونت رمفورد، في ١٧٩٨، أن الحرارة ليست مادة بل شكلا من أشكال الحركة، يفهم الآن على أنه حركة مكتسبة للأجزاء المكونة للجسم.
وفي هذه الأثناء توصل يوهان كارل فيلكي الإستوكهولمي إلى نظرية مماثلة في الحرارة الكامنة (١٧٧٢) مستقلا عن بلاك. وفي سلسلة من التجارب رواها هذا العالم السويدي في ١٧٧٧ أدخل اصطلاح "الحرارة المشعة" -أي الحرارة غير المنظورة التي تنبعث من المواد الساخنة، وقد ميز بينها وبين الضوء، ووصف خطوط حركتها وانعكاسها وتركيزها بواسطة المرايا، ومهد للربط الذي ربطه فيما بعد بين الحرارة والضوء باعتبارهما شكلين متشابهين من أشكال الإشعاع. وحدد فيلكي، وبلاك، ولافوازييه، ولابلاس، وغيرهم من الباحثين، القيمة التقريبية للصفر المطلق (وهو أدنى درجة حرارة ممكنة من حيث المبدأ). أما البريطانيون فكانت وحدة الحرارة التي اتخذوها هي الكمية التي ترفع درجة حرارة رطل من الماء درجة فهرنهيتية، أما الفرنسيون، وشعوب القارة عموماً، فقد فضلوا استعمال كمية الحرارة التي ترفع درجة حرارة كيلو جرام من الماء درجة مئوية واحدة.
أما نظرية الضوء فإن ما أحرزه القرن الثامن عشر من تقدم فيها كان ضئيلا، لأن جميع الفيزيائيين تقريباً قبلوا "فرض الجسيمات" الذي قال به نيوتن-وهو أن الضوء انبعاث كريات من الجسم إلى العين. وكان أويلر يتزعم أقلية تدافع عن نظرية الموجات. فافترض-كما افترض هويجنز- أن الفضاء "الخالي" بين الأجرام السماوية. وبين الأجسام المنظورة الأخرى،