بإيمانه باللاهوب، فإنه أرسى قضية أساسية هي أن الهواء غير الملوث يتألف من غازين، سمى أحدهما "هواء النار" وهو الأكسجين لأنه أهم عماد للنار وسمى الثاني "الهواء التالف" وهو الأزوت لأنه هواء فقد "هواء النار". وقد حضر الأكسجين بطرق عديدة، مزج في إحداهما حامض الكبريتيك المركز بالمنغنيز المطحون طحناً دقيقاً، وسخن المزيج في إنبيق، وجمع الغاز الناتج في كيس ضغط حتى خلا من الهواء تقريباً. ووجد أن الغاز الذي أنتج على هذا النحو إذا مرر على شمعة مشتعلة "بدأت تشتعل بلهيب أكبر، وبعثت نوراً ساطعاً يبهر العين"(٢٧). وخلص إلى أن "هواء النار" هو الغاز الذي تعتمد عليه النار. ولا شك أنه استخرج هذا الغاز قبل أن يستخرجه بريستلي بسنتين (٢٨).
ولم يكن هذا سوى قسط يسير من منجزات شيليه. ولعل سجله مكتشفاً لمواد جديدة لا ضريب له بين المكتشفين (٢٩) فهو أول من عزل الكلورين، والباريوم، والمنغنيز، ومركبات جديدة مثل النشادر، والجلسرين، وأحماض الهيدروفلوريك، والتانيك، والبنزويك، والأوكساليك، والماليك، والطرطريك. وقد انتفع برتولليه في فرنسا، وجيمس وات في إنجلترا، انتفاعاً تجارياً بكشفه لتبييض الكلورين للثياب، والخضر، والزهر. وفي أبحاث أخرى اكتشف شيليه حمض البوليك بتحليل حصاة المثانة (١٧٧٦). وفي ١٧٧٧ حضر الهيدروجين المكبرت، وفي ١٧٧٨ حمض المولبديك. وفي ١٧٨٠ أثبت أن حموضة اللبن الحامض سببها حمض اللبنيك؛ وفي ١٧٨١ حصل على حمض التنجستيك من تنجستات الكلسيوم (ويعرف الآن بالشيلي). وفي ١٧٨٣ اكتشف حمض البروسيك (الهيدروسيانيك) دون أن يدرك ما له من طبيعة سامة. كذلك استخراج غاز الأرسين (وهو مركب قتال من الزرنيخ (وصبغة الزرنيخ المعروفة الآن بأخضر شيليه (٣٠). وقد أعان على تيسير التصوير الفوتوغرافي بإثباته أن ضؤ الشمس الأبيض لها تأثيرات على أملاح الفضة. وقد تبين أن الجهد الذي أنفق في هذا العمر القصير، وهو جهد مثمر إلى حد لا يصدق، ذو أهمية بالغة في التنميات الصناعية في القرن التاسع عشر.