بالتجربة أن هذا الغاز يحتويه زفير الإنسان. ولكنه ظل يؤمن بالفلوجستون، وظل الأوكسجين والهيدروجين والأزوت (النتروجين) أسراراً غامضة.
وقد أسهمت السويد بعطاء سخي في كيمياء القرن الثامن عشر فتوربيرن أولوف بيرجمان، الذي سنلتقي به ثانية رائداً في الجغرافيا الطبيعية، كان أولاً وقبل كل شيء كيميائياً، عرفه الناس وأحبوه أستاذاً لذلك العلم في جامعة أوبسالا. وهو أول من حصل على النيكل في حالة نقاء، وأول من أثبت أهمية الكربون في تحديد الخواص الطبيعية للمركبات الكربونية الحديدية. وقد درس في حياته القصيرة نسبياً-والتي لم تتجاوز تسعة وأربعين عاماً- الائتلافات الكيميائية لتسع وخمسين مادة، بعد أن أجرى عليها نيفاً وثلاثين ألف تجربة، ونشر كشوفه في كتابه "الإجتذابات الانتخابية"(١٧٧٥) ومات قبل أن يكمل هذا العمل، ولكنه كان خلال ذلك قد أورث شيليه تفانيه في البحوث الكيميائية.
ويسلم مؤرخو العلم الإنجليزي الآن في شهامة بأن كيميائياً سويدياً-هو كارل فلهلم شيليه سبق (١٧٧٢) كشف بريستلي (١٧٧٤) لما سماه لافوزييه (١٧٧٩) لأول مرة بالأكسجين. وقد قضى شيليه أكثر عمره الذي لم يتجاوز الثلاثة والأربعين عاماً فقيراً معدماً. بدأ صبياً لصيدلي في جوتبورج، ولم يرق إلى أكثر من صيدلي في مدينة كوبنج المتواضعة. وقد حصل له معلمه توربيرن بيرجمان-على معاش صغير من أكاديمية أستوكهولم للعلوم، فكان شيليه ينفق ثمانين في المائة منه على التجارب الكيميائية، يجرى أكثرها ليلا بعد الفراغ من عمل نهاره مستعيناً بأبسط الأجهزة المعملية. ومن هنا موته المبكر. ومع ذلك فقد غطى ميدان هذا العلم الجديد كله تقريباً، وعرفه ببساطته المعهودة فقال"إن هدف الكيمياء ومهمتها الرئيسية هي أن تفصل المواد بمهارة، وتردها إلى مكوناتها، وأن تكشف خواصها، وأن تركبها بطرق مختلفة"(٢٦).
وفي ١٧٧٥ أرسل إلى لمطبعة مخطوطة عنوانها "رسالة كيميائية في الهواء والنار"؛ وتأخر نشرها حتى ١٧٧٧، ولكن كل التجارب التي وصفتها تقريباً كانت قد أجريت قبل ١٧٧٣. ومع أن شيليه ظل حتى مماته متمسكاً