للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اندفع الهواء إلى القنينة، مما دل على أن فراغاً جزئياً قد حدث في القنينة .. فكيف حدث؟ لم يجد لافوازييه تعليلا إلا أن القصدير المحترق قد امتص جزءاً من هواء .. فما هذا الجزء؟

وفي أكتوبر ١٧٧٤ التقى لافوازييه ببريستلي في لندن. وأخبره بريستلي بالتجارب التي أجراها في أغسطس، والتي ظل يفسرها بأنها دليل على أن الفلوجستون ينطلق من الجسم المحترق إلى الهواء. وفي ٢٦ أبريل ١٧٧٥ قرأ لافوازييه على الأكاديمية مذكرة روي فيها التجارب التي هدته إلى اعتبار الاحتراق امتصاص جسم محترق لعنصر غامض من الهواء، أطلق عليه مؤقتاً اسم "الهواء الشديد النقاء". لقد اكتشف الأكسجين كما اكتشفه بريستلي، ولكنه اختلف عنه لأنه نبذ خرافة الفلوجستون. ولم ينحت لفظ "الأكسجين" للدلالة على العنصر القابل للاشتعال في الهواء إلا عام ١٧٧٩، وقد اشتقه من كلمتين يونانيتين معناهما "مولد الحمض" لأنه ظن خطأ أن الأكسجين مكون لا غنى عنه في جميع الأحماض.

ولاحظ لافوازييه كما لاحظ بريستلي أن نوع الهواء الذي تمتصه المعادن في الاحتراق هو نفس النوع الذي يدعم الحياة الحيوانية. ففي ٣ مايو ١٧٧٧ قدم للأكاديمية بحثاً في "تنفس الحيوان" قال فيه "إن خمسة أسداس الهواء الذي نستنشقه عاجزة عن دعم تنفس الحيوان، أو الاشتعال والاحتراق، … فخمس حجم الهواء فقط هو الصالح للتنفس". ثم أضاف "هناك شبه كبير بين الهواء الذي استعمل لدعم هذه الوظيفة الحيوية وقتاً ما، والهواء الذي تكلست (تأكسدت) فيه المعادن، والعلم بـ (عملية) واحدة يمكن بالطبع أن يطبق على الأخرى". وعليه فقد أسس لافوازييه التحليل العضوي، بوصف التنفس بأنه اتحاد الأكسجين بالمادة العضوية. وفي هذه العملية لاحظ انطلاق حرارة، كما تنطلق في الاحتراق؛ ثم زاد تأكيد الشبه بين التنفس والاحتراق، بإثباته أن ثاني أكسيد الكربون والماء ينطلقان (كما في التنفس) من احتراق مواد عضوية مثل السكر والزيت والشمع. وحدثت الآن ثورة في علم الفسيولوجا بفضل التفسير المتزايد للعمليات العضوية بلغة فيزيا-كيميائية.