للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأعمال البر العام. وحين كان عضواً في الجمعية الإقليمية بأورليان (١٧٨٧) جاهد في سبيل الأحوال الاقتصادية والاجتماعية في الأقاليم. وخلال نقص الطعام الخطير في ١٧٨٨ أقرض ماله لكثير من المدن لتشتري به قمحاً. لقد كان رجلاً أحب خير المجتمع، وثابر على جمع المال.

على أنه في هذه الأنشطة كلها لم يكف عن الاشتغال بالعلم. فغدا مختبره أعقد وأوسع المختبرات السابقة للقرن التاسع عشر: قوامه ٢٥٠ آلة، وثلاثة عشر ألف مخبار، وآلاف المستحضرات الكيميائية، وثلاثة موازين دقيقة أعانت فيما بعد على تقدير الجرام وحدة الموازين في النظام المتري. وكان الوزن والمعايرة نصف السر في كشوف لافوازييه، وبفضلهما غير الكيمياء من نظرية كيفية إلى علم كمي. وبالوزن الدقيق برهن على أن "فلوجستون" شتال ليس إلا خرافة مربكة افترضت وجود مادة غامضة تترك الجسم المشتعل في عملية الاحتراق وتدخل الهواء. ففي أول نوفمبر ١٧٧٢ قدم لافوازييه إلى أكاديمية العلوم مذكرة هذا نصبها:

قبل ثمانية أيام اكتشفت أن الكبريت في احتراقه لا يفقد الوزن بل يكسبه، أي أننا قد نحصل من رطل الكبريت على أكثر من رطل من الحمض الكبريتي، مع أخذ رطوبة الهواء في حسابنا. وهذا ما يحدث أيضاً في الفوسفور. وزيادة الوزن تأتي من كمية الهواء الكبيرة التي تثبت (أي تمتصها المادة المحترقة) أثناء الاحتراق وتتحد مع الأبخرة (الكبريتية). وقد أقنعني هذا الكشف، الذي أثبته بتجارب أراها حاسمة، أن ما يلاحظ في احتراق الكبريت والفوسفور قد يحدث في جميع الأجسام التي تكتسب وزناً عند الاحتراق أو التكلس (٤٤). فالجسم المحترق لا يعطي الهواء شيئاً بل يأخذ منه شيئاً. فما هذا الشيء؟

في خريف ١٧٧٤ نشر لافوازييه وصفاً لمزيد من التجارب. فقد وضع كمية موزونة من القصدير في قنينة موزونة تتسع لقدر كبير من الهواء. ثم ختم القنينة، وسخن الكل حتى تأكسد القصدير تأكسداً جيداً. وبعد أن أتاح للجهاز وقتاً ليبرد، وجد أن وزنه ظل دون تغيير. ولكنه حين كسر الختم