العاكس، كلا من الأفق والشمس (أو النجم). ويفضل هذه الآلة، مضافاً إليها كرونومتر هاريسون البحري، أصبحت الملاحة علماً أقرب ما يكون إلى العلوم الدقيقة.
وكان على الملاح أن يحدد خط الطول والعرض إن أراد تحديد موقع سفينته في البحر. ولكي يعين خط الطول كان عليه أن يعين زمنه في المكان واللحظة بالرصد الفلكي، ويقارن بين هذا الزمن المحلي وبين ساعة ضبطت لتحتفظ بزمن قياسي (جرينيتش) أينما كانت الساعة. وكانت المشكلة هي صنع كرونومتر لا يتأثر بتغيرات درجة الحرارة أو حركات السفينة. وفي ١٧١٤ أعلنت الحكومة البريطانية عن جائزة قدرها عشرون ألف جنيه لمن يبتكر طريقة لإيجاد خط الطول في حدود نصف درجة. وعرض ساعاتي من يوركشير يدعى جون هاريسون على جورج جراهام (١٧٢٨) تصميمات لكرونومتر بحري، وأقرضه جراهام المال لصنعه، وقد اكتمل صنعه في ١٧٣٥، واستعمل ميزانين ضخمين متقابلين بدلا من البندول، وعادلت حركة السفينة أربعة زنبركات موازين، تتحرك ضد بعضها البعض؛ وأمكن إبطال مفعول التغيرات في درجة الحرارة بعدة قضبان مصنوعة من النحاس والصلب، تتمدد بالحرارة وتنكمش بالبرودة، وموصلة بالزنبركات. وأوفد "مجلس خطوط الطول" هاريسون بكرونومتره في رحلة إلى لشبونة لاختباره، وشجعت النتائج المجلس على توفير المال لتحسين ثان، وثالث، ورابع. وقد جرب هذا الكونومتر الرابع، الذي لم يزد عرضه على خمس بوصات، في رحلة إلى جزر الهند الغربية (١٧٥٩)؛ ولم تؤخر الساعة في تلك الرحلة اكثر من خمس ثوان بالإضافة إلى تأخيرها العادي المحسوب سلفاً (حين تكون ثابتة على البر) ومقداره ثمانون ثانية في كل ثلاثين يوماُ. وبعد نزاعات حصل هاريسون على جائزة العشرين ألف جنيه كاملة. وبفضل هذه الآلة وغيرها من الآلات البحرية تهيأت البحرية البريطانية الآن (في ذروة حرب السنين السبع ١٧٥٦ - ٦٣) للسيطرة على البحار.
ب - النظرية الفلكية
تبارى البريطانيون والفرنسيون مباراة حامية في دراسة الفلك، ولم يكن