بمقالاته اللاهوتية الورعة في المدرسة، وغدا أشد الملحدين إمعاناً في إلحادهم في فرنسا النابوليونية. أوفد إلى باريس في الثامنة عشرة من عمره ومعه خطاب تعريف إلى دلامبير. ورفض دالامبير لقاءه، فقد كان يلتقي الكثير من أمثال هذا الخطاب ولا يعبأ بما حوت من مديح، ولكن لابلاس الذي لم تفل عزيمته أرسل إليه خطاباً في المبادئ العامة للميكانيكا. ورد عليه دلامبير قائلا "سيدي، أنت ترى أنني لم أعبأ كثيراً بالتوصيات. ولكنه لا حاجة لك بتوصية. فقد عرفتني بنفسك تعريفاً أفضل، هذا يكفيني. ومن حقك أن أساعدك"(٦١). وما لبث لابلاس، بفضل نفوذ دالامبير، أن عين مدرساً للرياضة في المدرسة الحربية. وقد حلل حبه المشبوب للرياضة في خطاب وجهه بعد ذلك إلى دالامبير، قال:
"لقد عكفت على الرياضة مدفوعاً دائماً بميلي لا بالرغبة في شهرة باطلة. وأعظم تسلية لي أن أدرس موكب المخترعين، وأرى عبقريتهم تصارع العقبات التي صادفوها وذللوها. ثم أضع نفسي مكانهم وأسلها كيف كنت فاعلا للتغلب على هذه العقبات ذاتها؛ ومع أن هذا البدل كان في الكثير الأغلب من الحالات مذلا لأنانيتي، فإن لذة الابتهاج بنجاحهم عوضتني عوضاً وافراً عن هذا الإذلال القليل. وإذا أتيح لي من الحظ ما أضيف به شيئاً لأعماهم، فإنني أعزو الفضل لجهودهم الأولى"(٦٢).
ونحن نلمس شيئاً من الكبرياء في هذا التواضع الواعي. على أية حال كان طموح لابلاس أبعد الأشياء عن التواضع، لأنه اضطلع باختزال الكون كله إلى نسق رياضي واحد، بتطبيق نظرية الجاذبية النيوتينية على جميع الأجرام والظواهر السماوية. لقد ترك نيوتن الكون في وضع قلق؛ فظن أنه عرضة لشذوذات تتصاعد أحياناً، بحيث يلزم أن يتدخل الله من حين إلى حين ليقومه من جديد. ولم يقتنع كثير من العلماء-مثل أويلر-بأن العالم جهاز آلي، ولكن لابلاس أراد أن يثبت هذا ميكانيكاً.
وبدأ (١٧٧٣) بمقال بين أن الاختلافات في متوسط أبعاد كل كوكب من الشمس تخضع لصياغة رياضية مضبوطة، تقريباً، فهي إذن دورية