كتاب قصة الحضارة

التقدم العلمي - ٦ - في الأرض - ج: 37 - ص: 220

النباتات والحيوانات تطورت من كائنات بحرية مقابلة، لا بل الرجال والنساء تطوروا من أناسى البحر وعرائسه الذين فقدوا ذيولهم كما فقد الضفدع ذيله. وقد نشأ انحسار الماء عن البخر الذي هبط بمستوى البحر نحو ثلاثين قدماً كل ألف عام. وأنذر ماييه بأن المحيطات ستجف تماماً في النهاية، وستصعد النيران الباطنية إلى السطح وتفنى كل شئ حي.

ولعد "تياميد" بعام أصدر جورج لوى دبوفون أول مجلديه الرئيسيين اللذين أسهم بهما في علم وليد لم يزل مقمطاً في تكهنات لا سبيل إلى التثبيت من صحتها. وقد ألف "نظرية الأرض" (١٧٤٩) وهو في الثانية والأربعين، " وحقب الطبيعة" (١٧٧٩) وهو في الحادية والسبعين. وبدأ باحتياط على طريقة ديكارت، فسلم بدفعة أولى دفع الله بها العالم، وبعدها قدمت "النظرية" تفسيراً طبيعياً خالصاً للأحداث الكونية. وقد استبق آخر نظريات تكوين العالم بقرنين، إذ ذهب إلى أن الكواكب نشأت كشظايا انفصلت عن الشمس إثر مذنب قوي أو بفعل جذبه، فكل الكواكب إذن كانت في البداية كتلا منصهرة كالشمس الآن، ولكنها بالتدريج بردت وأظلمت في برد الفضاء. أما "الأيام" التي استغرقتها الخليقة في سفر التكوين فلا بد من تفسيرها على أنها حقب، قد نتبين منها سبعاً:

١ - اتخذت الأرض شكلها الكروي نتيجة لدورانها، ثم برد سطحها ببطئ (٣. ٠٠٠ سنة).

٢ - تجمدت الأرض فأصبحت جسما جامداً (٣٢. ٠٠٠ سنة).

٣ - تكاثفت الأبخرة التي غلفتها وكونت محيطاً عالمياً (٢٥. ٠٠٠ سنة).

٤ - هبطت مياه هذا المحيط باختفائها في شقوق في قشرة الأرض، تاركة نباتاً على السطح، وأحافير على ارتفاعات شتى على اليابس (١٠. ٠٠٠ سنة).

٥ - ظهرت الحيوانات البرية (٥. ٠٠٠ سنة).

٦ - فصل هبوط المحيط نصف الكرة الغربي عن نصفها الشرقي، وجرينلند عن أوربا، ونيوفوندلند عن أسبانيا، وترك الكثير من الجزر تبدو كأنها طالعة من البحر (٥. ٠٠٠ سنة).