وواصل بايرون رحلته حول الكرة الأرضية، ولكنه لم يترك على التاريخ أكثر من هذه البصمة. وكان في رحلة سابقة، أثناء عمله ضابط صف تحت إمرة آنسن قد تحطمت فيه السفينة على ساحل شيلي (١٧٤١)، وقد استخدم حفيده اللورد بايرون روايته لهذا الحادث في قصيدته "دون جوان"
أما أبرز رائد في رواد القرن الثامن عشر في نظر الشعوب الناطقة بالإنجليزية فهو الكابتن جيمس كوك. كان ابن فلاح في مزرعة، ألحق وهو في الثانية عشر ببائع خردات، فلما لم يجد في بيع الملابس الداخلية ما يشبع شوقه للمغامرة التحق بالبحرية، وعمل "ملاحظا بحرياً" على طول سواحل نيوفوندلند، وذاعت شهرته رياضياً، وفلكياً، وملاحاً، وفي ١٧٦٨، حين بلغ الخمسين، اختير لرآسة بعثة تسجل مرور كوكب الزهرة، وتقوم بأبحاث جغرافية في المحيط الهادي الجنوبي. فأبحر في ٢٥ أغسطس على السفينة "إندفر" بصحبة عدة علماء، جهز أحدهم وهو السر جوزف بانكس السفينة من ماله الخاص (١). وشوهد مرور الزهرة في تاهيتي في ٣ يونيو ١٧٦٩. ومنها أبحر كوك باحثاً عن قارة كبرى (تيرا أوستراليس) زعم بعض الجغرافيين أنها تختبئ في بحار الجنوب. فلم يجد شيئاً، ولكنه ارتاد جزر سوسايتي وسواحل نيوزيلندة، ورسم لها خرائط بعناية: ثم واصل رحلته إلى استراليا (التي عرفت يومها بهولندا الجديدة)، واستولى على ساحلها الشرقي لبريطانيا العظمى، وأبحر حول أفريقيا، ووصل إلى إنجلترا في ١٢ يونيو ١٧٧١.
وفي ١٣ يوليو ١٧٧٢، ركب البحر من جديد، ومعه السفينتان رزوليوس وإندفر، بحثاً عن القارة الجنوبية المزعومة. وقد حرث البحر شرقاً وجنوباً بين رأس الرجاء الصالح ونيوزيلندة، وعبر الدائرة القطبية الجنوبية إلى خط الطافية على العودة، وزار جزيرة إيستر وكتب وصفاً
(١) عمل رئيسا لجمعية لندن الملكية من ١٧٧٨ إلى ١٨٢٠، وأوصى بمكتبته ومجموعاته المتحف البريطاني.