أطلق عليها علماء النبات أسماء متضاربة. وأخذ لينيوس على عاتقه تصنيف جميع النباتات المعروفة أولا حسب طائفتها، وفي طائفتها حسب رتبتها، وفي رتبتها حسب جنسها، وفي جنسها حسب نوعها؛ وهكذا توصل إلى اسم لاتيني مقبول دولياً. واتخذ أساساً لتصنيفه وجود وطبيعة الأعضاء التناسلية الواضحة أو عدم وجودها، فقسم النباتات إلى "نباتات زهرية" وهي التي لها أعضاء تناسل ظاهرة (أزهارها) و"نباتات لا زهرية" ليس لها أزهار تخرج بروزاً وهياكلها التناسلية مخفاة أو غير واضحة (كما في الطحلب والسرخس).
وقد اعترضت بعض النفوس الخجولة على هذا التركيز على الجنس لأنه سيؤثر تأثيراً خطراً على خيال الشباب (٨٣). ولكن نقاداً أصلب وأجرأ بينوا خلال الأعوام المائة التالية عيوباً أهم في تصنيف لينيوس، فقالوا إنه غلا في الاهتمام بإيجاد أركان وأسماء للنباتات غلواً جعله يحول علم النبات حيناً عن دراسة وظائف النباتات وأشكالها. ولما كان تغير الأنواع سيشوش النظام الذي وضعه، فضلا عن تناقضه مع سفر التكوين، لذلك وضع مبدأ مؤداه أن جميع الأنواع خلقها الله مباشرة وظلت دون تغيير طوال تاريخها. وقد عدل من هذا الموقف التقليدي في تاريخ لاحق (١٧٦٢) بإلماعه إلى أن أنواعاً جديدة قد تظهر نتيجة لتهجين الأنواع المتقاربة. ومع أنه تناول الإنسان (الذي سماه في ثقة واطمئنان "هومو سابينز" أي الإنسان العاقل) بوصفه جزءاً من مملكة الحيوان، وصنفه نوعاً في رتبة الحيوانات العليا، جنباً إلى جنب مع القرد، فإن نظامه عطل نمو الأفكار التطورية.
وقد انتقد بوفون تصنيف لينيوس، على أساس أن الأجناس والأنواع ليست أشياء موضوعية، إنما هي مجرد أسماء لتقسيمات عقلية مريحة لواقع معقد، تذوب فيه جميع الرتب، عند أطرافها، بعضها في البعض، فلا شئ يوجد خارج الذهن، إلا الأفراد؛ هنا نجد جدل العصور الوسطى القديم بين الواقعية والاسمية. أما لينيوس فرد (مثبتاً أنه بشر) بأن بلاغة بوفون يجب ألا يسمح لها بأن تخدع العالم، ورفض أن يأكل في قاعة علقت فيها صورة بوفون مع صورته (٨٥). على أنه سلم في لحظة أكثر سماحة أن