بتجارب بينت شجرة تمتص الماء في أطراف أغصانها ما تمتصه بجذورها؛ وقد تحرك الماء إلى الداخل من الأغصان إلى الجذع كما تحرك من الجذع إلى الأغصان؛ واستطاع قياس الامتصاص. على أن العصارة تحركت إلى أعلى من الجذور إلى الأوراق بفضل ضغط العصارة المنتشرة في الجذور. وامتصت الأوراق غذاءها من الهواء.
عند هذه النقطة أثار بريستلي الذكي المشكلة بكشف من ألمع كشوف القرن- هو تمثيل أكسيد الكربون الذي تخرجه الحيوانات في زفيرها، تمثيلا غذائياً، بواسطة كلورفيل النباتات في ضوء الشمس. وقد وصف هذا الشطر من عمله في المجلد الأول (١٧٧٤) من كتابه "تجارب ومشاهدات" قال:
"أخذت كمية من الهواء فسدت فساداً تاماً نتيجة لتنفس الفئران وموتها فيها، وقسمتها قسمين، وضعت أحدهما في قنينة مغمورة في الماء، ووضعت في الآخر فرعاً من النعناع، وكان هذا القسم محتوى "في أبريق زجاجي قائم في الماء. كان هذا في بواكير أغسطس ١٧٧١، وبعد مضي ثمانية أيام أو تسعة وجدت أن فأراً يحيا في تمام الصحة في قسم الهواء الذي نما فيه فرع النعناع، ولكنه مات لحظة أن وضعته في القسم الآخر من نفس كمية الهواء الأصلية، والذي حفظته في نفس الوضع المكشوف ولكن دون أن ينمو فيه أي نبات".
وبعد عدة تجارب مشابهة خلص بريستلي إلى أن:
"الضرر الذي يلحق بالهواء باستمرار تنفس هذا العدد الكبير من الحيوانات، وتعفن هذه الكتل الكبيرة من المادة النباتية والحيوانية، تصلحه -جزئياً على الأقل- الكائنات النباتية. ورغم ضخامة كمية الهواء الذي يفسد يومياً من جراء الأسباب السالفة الذكر، فإننا إذا أخذنا في حسابنا المقدار الهائل من النباتات النامية على وجه الأرض .... لم يخامرنا شك في أنه هذا موازن كاف لذاك، وأن الدواء شاف من الداء" (٩٣).