للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالنباتات في حديقة الجاردان (٩٧). وكان تصنيفه للحيوانات غير معقول، ولكنه اعترف بأنه مؤقت؛ فقد رتبها حسب نفعها للإنسان، ومن ثم بدأ بالحصان. وفي تاريخ لاحق، وبعد إلحاح من دوبنتون، وضع تصنيفاً جديداً لها حسب خصائصها المميزة. وضحك نقاده المتخصصون على تصنيفاته وتشككوا في تعميماته، ولكن قراءه طربوا لأوصافه الحية ولاتساع نظراته العظيم.

وقد ساعد على إرساء دعائم الأنثروبولوجيا (علم الجناس البشرية) بدراسة اختلافات النوع الإنساني تحت تأثير المناخ، والتربة، والأنظمة، والمعتقدات؛ ورأى أن هذه القوى قد نوعت لون الأجناس وملامحها، وولدت خلافاً في العادات، والأذواق، والأفكار. ومن أجرأ فروضه قوله بأنه ليس في الطبيعة أنواع ثابتة لا تقبل التغير، وأن النوع منها يذوب في النوع التالي، وأن في استطاعة العلم إذا نضج أن يصعد خطوة فخطوة من المعادن المفروض أنها ميتة، إلى الإنسان نفسه. ولم ير إلا فرقاً في الدرجة بين غير العضوي والعضوي.

وقد لاحظ أن صوراً جديدة من الحيوان تكونت بالانتخاب الطبيعي، وزعم أن في الإمكان إحداث نتائج مماثلة في الطبيعة بالهجرة والعزل الجغرافيين. وسبق ماثوس بملاحظته أن خصوبة أنواع النبات الحيوان التي لا رابط لها تلقي باستمرار عبئاً باهظاً على خصوبة التربة، مما قد يؤدى بالكثير من الأفراد والأنواع في الصراع على البقاء:

"لقد اختفت، أو ستختفي، أنواع أقل كما لا، وأضعف، وأثقل، وأقل نشاطاً، وأردأ تسليحاً (٩٨). … وهذبت أنواع كثيرة، أو انحطت، نتيجة لتغيرات كبيرة في اليابس أو الماء، ولرضى أو سخطها عليها، وللطعام، ولتأثيرات المناخ الطويلة الأمد، والمعاكسة أو المواتية … فلم تعد اليوم كما كانت بالأمس" (٩٩).

ومع أنه سلم بوجود نفس للإنسان، فقد تبين في جسم الإنسان أعضاء الحس والأعصاب، والعضلات، والعظام، ذاتها التي في الحيوانات العليا.