ومن ثم فقد رد "الحب الرومانسي" إلى ذات الأساس الفسيولوجي الذي في جاذبية الحيوان الجنسية. لا بل أنه احتفظ بشعر الحب لأوصافه البليغة لتزاوج الطيور ورعايتها لصغارها. وتساءل "لم يسعد الحب جميع الكائنات الأخرى ويشقى الإنسان هذا الشقاء الكثير؟ لأن الجزء البدني من هذه العاطفة هو وحده الحسن، أما العناصر الأخلاقية فيها فلا قيمة لها"(١٠٠). (وقد وبخته مدام دبومبادور على هذه الفقرة ولكن في لطف كثير)(١٠١) وخلص بوفون إلى أن الإنسان حيوان في كل نقطة "مادية"(١٠٢).
"ومتى سلمنا بأن هناك عائلات من النبات والحيوان، أي أن الحمار قد ينتمي لعائلة الحصان، وأن الواحد منها لا يختلف عن الآخر إلا في تسلسله المنحط من نفس الجد … فقد نضطر إلى التسليم بأن القرد ينتمي لعائلة الإنسان، وأنه ليس إلا إنساناً منحطاً، وأنه هو والإنسان كان لهما جد واحد. وإذا تبين أنه كان بين الحيوانات والنباتات … ولو نوع واحد أنتج خلال التسلسل المباشر من نوع آخر … إذن فليس هناك حدود يمكن أن تقيد قوة الطبيعة، ولن نخطئ إن افترضنا أنه لو ترك لها الوقت الكافي لاستطاعت أن تطور جميع الأشكال العضوية الأخرى من نوع أصلي واحد".
ثم أضاف بوفون هذه العبارة بعد أن تذكر فجأة سفر التكوين وجامعة السوربون "ولكن لا. فالثابت من الوحي الإلهي أن جميع الحيوانات قد وهبت بالتساوي نعمة خلقها خلقاً مباشراً، وأن أول زوج من كل نوع خرج مكتمل الصورة من يدي الخالق"(١٠٣).
ولكن مدير السوربون، أو كلية اللاهوت في جامعة باريس، نبه بوفون رغم ذلك (١٥ يونيو ١٧٥١) إلى أن أجزاء من "تاريخه الطبيعي" تناقض تعاليم الدين، ويجب أن تسحب-لا سيما آرائه عن عمر الأرض الطويل، وانبعاث الكواكب من الشمس، وتأكيده بأن الحقيقة لا تستقى إلا من العلم. واعتذر المؤلف مبتسما:
"أقرر أنه لم يكن أي نية في مناقضة نص الكتاب المقدس، وإنني أومن أوطد الإيمان بكل ما حواه الكتاب خاصاً بالخليقة، سواء من حيث ترتيب الزمن أو الحقائق المتضمنة. وإني أعدل عن كل ما ورد في