أما أخوة جون هنتر فالقد ولد بعده بعشر سنوات، ومات بعده بعشر أيضا. وحين بلغ الحادية والعشرين (١٧٤٩) كان قد حصل من العلم ما أهله للاضطلاع بصف وليم في التشريح العملي. وبينما كان يعمل مع أخيه، حل مشكلة سقوط الخصيتين عند الجنين، وتتبع دورة المشيمة وتشبعات الأعصاب الأنفية والشمية، واكتشف القنوات الدمعية، وقام بدور رائد في عض وظائف القناة اللمفاوية. وفي السابعة والعشرين دخل أكسفورد، فلما وجد اللاتينية واليونانية أشد مواتا من جثث الموتى، ترك لكلية والتحق بالجيش جراحا. وتعلم الكثير في أثناء الخدمة العاملة في الخارج عن جراحة البارود، فخلف بعد موته رسالة قيمة في الموضوع. وقد مارس الجراحة وعلمها عند رجوعه إلى إنجلترا، وواصل أبحاثه في التشريح والفسيلوجيا. وفي ١٧٦٧ أصيب بحادث مزق له "أربطة أخيل"(التي تربط عضلات سمانة الساق بالعقب). ومن مشاهداته عن نفسه آنئذ، ومن تجاربه على الكلاب، توصل إلى جراحة ناجحة للأقدام المشوهة وغيرها من التشوهات التي تصيب الأربطة فيما تصيب. وحدث أنه حقن نفسه بالزهري عن غير قصد، فأرجا علاجه ريثما يدرس المرض من خبرته الشخصية (٥)، على أنه أخطأ في اعتباره الزهري والسيلان مرضا واحدا. وأثبت بالتجربة أن الهضم لا يحدث في الأفاعي والسحالي أثناء اسباتها. وجمع لأبحاثه في بيته ببرمتن معرضا غريبا للوحوش، فيه الديوك البرية، والحجل، وضفادع البر، والسمك، والأوز، والقنافذ، وديدان القز، والنحل، والدبابير الكبيرة والصغيرة، ونسر، وفهدان، وعجل. وكاد يفقد حياته في صراعه مع العجل ومحاولته القبض على الفهدين الهاربين. وقد شرح نيفا وخمسمائة نوع من الحيوان. ودرس آثار مختلف السموم، واعترف في ١٧٨٠ بأنه "سمم بضعة آلاف من الحيوان".
وفي ١٧٨٥ جلس إلى زينولدز ليرسمه، ولكنه كان كثير الحركة والتململ أول الأمر. وأوشك السر جوشوا أن يعدل عن تصويره، حين أخذت هنتر سنة من أحلام اليقظة عميقة ساكنة مكنت المصور من تخطيط اللوحة المعروضة الآنفي كلية الجراحين الملكية. وكان جون كأخيه صاحب