طبع نزق عات. وقال حين وجد نفسه عرضة للذبحة الصدرية "أن حياتي في يد أي وغد يطيب له أن يضايقني ويغيضني"(٦) وحدث أن أحد زملائه ناقضه، فاستشاط غضبا، ولم يلبث أن فارق الحياة بعد دقائق (١٧٩٣)، ودفن في دير وستمنستر بجوار رفات بن جونسن. وقد حصل اتحاد الجراحين، بفضل منحة من الحكومة، على مجموعته المحتوية على ثلاثة عشر ألف عينة، وأصبحت المجموعة في ١٨٣٦ متحف اللندني. و "الخطاب الهنتري" الذي يلقى في ذاكراه واقعة سنوية في عالم الطب الإنجليزي.
أما الفسيولوجيا فإن أعظم أعلامها في هذه الحقبة هو ألبرشت فون هاللر وقد التقيا به شاعراً في شبابه، وفي سنوات اللاحقة وضع نفسه على رأس علماء الفسيلوجيا بكتابه "أصول فسيولوجية جسم الإنسان" الذي صدر في ثمانية مجلدات بين عامي ١٧٥٧و١٧٦٦. ولم تقتصر هذه الأسفار على تسجيل ما توافر من علم بتشريح الإنسان وفسيولوجيته، بل شملت كذلك كشوفه عن دور الصفراء في هضم الدهنيات، وعن قابلية ألياف العضلات للتهيج أو التقلص مستقلة عن الأعصاب، لا بل عقب فصلها عن الجسد. وخلص ديدرو من هذه التجارب وأمثالها إلى أنه "إذا كانت الحياة باقية في أعضاء فصلت عن الجسد، فأين هي النفس إذن؟ وما الذي يحدث لوحدتها؟ … ولعدم قابليتها للانقسام؟ "(٧) وزعم بناء على هذه الشواهد أن جميع العمليات الفسيولوجية ميكانيكية. وخالفه هاللر، ففي رأيه أن قابلية النسيج العضوي للتهيج دليل مبدأ حيوي لا يوجد في المواد غير العضوية ولا يتفق والفلسفة الميكانيكية. وأظهر المزيد من دراسات هاللر أن "بنية عظام ذوات الأربع في جوهرها واحد هي وبنية الطيور" وأن "العظام في الإنسان لا تختلف في أي جزء من أجزاء بنيتها عن عظام ذوات الأربع"(٨) وفي ١٧٥٥ قام بأول ملاحظة مدونة لمرض التصلب السنبلي، أي تراكم الدهن في جدران الأوعية الدموية. يقول السر وليم فوستر "حين نفتح صفحات هاللر نشعر أننا انتقلنا إلى العصور الحديثة"(٩).