كتاب قصة الحضارة

الطب - ٣ - العلاج - ج: 37 - ص: 274

على أن هذه البصيرة الممتازة بنظرية الجراثيم لم تترك طابعاً على طب القرن الثامن عشر العلاجي، وكان لا بد من بعثها مرة ثانية في القرن التاسع عشر.

واقترحت بعض طرق التشخيص الجديدة، فدعا ستيفن هيلز إلى قياس ضغط الدم، وادخل ليوبولد أوينبروجر النقر على الصدر وسيلة لتبين السائل في القفص الصدري. وطور اسكتلنديان، هما جون مارتن وجيمس كري، استعمال الترومتر الأكلينيكي.

وتنافست العقاقير، والجراحة، والشعوذة، على مال المريض. وظل الفصد الدواء الذي يصلح لكل الأدواء، وقد قدر طبيب في ١٧٥٤ أن أربعين ألف شخص يموتون كل عام في فرنسا من جراء الإفراط في الحجامة (٢٨). وفي أخريات القرن تصاعدت الاحتجاجات على هذا الدواء ووجدت لها صوتا فعالا في كتاب ولشتين "تعليقات على الفصد" وتكاثرت العقاقير. وقد نبذت فارماكوبيا لندن الرسمية الصادرة في ١٧٤٦ الوصفات المؤلفة من نسيج العنكبوت، وقرون الثور الوحشي، ولبن العذراء، ولكنها احتفظت بالترياق، وعيون السرطان، وقمل الصوف والأفاعي، واللآلئ، زعما منها أنها تؤلف مزائج شافية. وقد أعطت فارماكوبيا عام ١٧٢١ صفة رسمية لصبغ الأفيون الكافوري ( paregoric) وعرق الذهب المقيئ (الابيكاك)، ومقيئ الطرطير، وروح النشادر الطيار، وغيرها من العقاقير الجديدة؛ وأضافت طبعة ١٧٤٦ الفالريانا، وروح النترات الطيب، و"البلسم" (صبغة الجاوي)؛ واعتمدت طبعة ١٧٨٨ الاونيكا، والعشبة، والقشيرة، والمانزيا، وصبغة الأفيون … وبدأ استعمال زيت الخروع في أوربا الحديثة حوالي ١٧٦٤، والزرنيخ حوالي ١٧٨٦، وادخل اللحلاح (الكولشيوم) علاجا للنقرس في ١٧٦٣ وتعلم غلام من شروبشير يدعى وليم وذرنج من جدة عجوز أن كف الثعلب (الديجيتال) مفيد للاستسقاء. وقد ظفر بمكان مرموق في تاريخ الطب باكتشافه فائدته في أمراض القلب (١٧٨٣). وكان كثير من مشاهير الأطباء يصنعون عقاقيرهم ويبيعونها، ويتقاضون الأتعاب على تذاكرهم