الطبية لا على عيادتهم لمرضاهم. وأثرى أفراد من "الأدوية المملوكة لأصحابها"-المركبة من وصفات سرية مسجلة. وهكذا ابتلعت إنجلترا أطناناً من "إكسير ستوتن" و"زيوت بتن البريطانية" و"حبوب هوبر للنساء" و "أقراص الدود" لتشنج.
وكان دجاجلة الطب ومشعوذوه عنصرا محببا في المسرح الطبي. من ذلك أن "الكونت" اليساندرو دي كاليوسترو، واسمه الحقيقي جوزيبي بلساموا، كان يبيع إكسيرا يطيل العمر للحمقى الأغنياء في أقطار عديدة. وزعم الشفالييه تيلر، وهو مسلح بأبرة السد (الكتركته)، إنه يشفي أي مرض من العيون، وقد استمع إليه جيبون وهاندل والأمل يراودهما. وأقنعت جوانا ستيفنز البرلمان بأن يدفع لها خمسة آلاف جنيه لقاء الكشف عن سر علاجها الشافي من الحصى، فلما نشرت وصفتها (١٧٣٩) اتضح أنها مركب من قشر البيض، والحلزونات، والحبوب، والصابون، وفي كل حالة من الحالات التي زعمت أنها شفتها وجد الحصى في المثانة بعد موت المريض.
وأما أشهر دجاجلة القرن الثامن عشر فهو فرانتز أنطون مزمير Mesmer وقد بعثت رسالته التي نال عليها درجة الدكتوراه من فيينا (١٧٦٦) الدعوى القديمة القائلة بتأثيرات النجوم على الإنسان، ففسرها بأنها أمواج مغنطيسية وحاول حينا أن يشفي الأمراض بتمرير المغنطيس على الأعضاء المريضة، ثم أقلع عن هذا العلاج بعد أن قابل قسيسا بدا أنه يشفي بمجرد وضع يديه على المريض، ولكنه أعلن أن قوة سحرية تسكنه، وأن في إمكانه نقلها للغير بحفز من المال. وافتتح مكتبا في فيينا، حيث عالج المرضى بلمسهم- كما كان يفعل الملوك مع مرضى الداء الخنازيري، وكما يفعل دعاة الشفاء بالإيمان اليوم. وأعلن البوليس إنه مشعوذ، وأمره بأن يبرح فيينا في ظرف ثمان وأربعين ساعة. فرحل إلى باريس (١٧٧٨) وبدأ من جديد بنشر "مذكرة عن كشف المغنطيسية الحيوانية"(١٧٧٩)، وأقبل إليه المرضى لينومهم mesmerize فكان يلمسهم بعصاه السحرية، أو يحملق في عيونهم