وتفسيره الآلي للعالم الموضوعي. وكان بيل موضع إجلال وتقدير باعتباره أدق العقلانيين المتأملين، فقد ولدت شكوكه مزيداً من آلاف الشكوك. وكان "قاموسه" معيناً لا ينضب من الدروع التي يتسلح بها أعداء الكنيسة ضدها.
وكان ما حدث في إنجلترا مثالاً حافزاً مشجعاً للمفكرين الأحرار في فرنسا. وبدا أولاً أن دعوة فرنسيس بيكون إلى العلم الإستقرائي تبشر بثمار أكثر بكثير مما يبشر استنباط ديكارت السحري لله والخلود من وجود ديكارت. ثم كانت مادية هوبز الفظة التي لم تكف قط عن إثارة ديدرو. وهناك أيضاً نيوتن الذي بدا أنه هبط بالإله إلى مجرد ضاغط زرار في آلة العالم، ولم يكن الفرنسيون قد عرفوا بعد أن نيوتن أكثر إنتاجاً في اللاهوت منه في العلوم. ولا ننس الربوبيين الإنجليز الذين أمدوا فولتير بالشجاعة والقوة الدافعة. وأخيراً جاء لوك، لأن المتشككين الفرنسيين رأوا أن صرح الدين ينهار أمام القول بأن كل الأفكار مستمدة من الإحساس. وإذا كان الإحساس نتاج قوى خارجية فإن الذهن نتاج الخبرة، وليس هبة خالدة من لدن اله لا يراه أحد. وإذا كانت الخبرة تخلق الشخصية، فإن الشخصية يمكن تغييرها بتغيير طرق التعليم ومادته، وإصلاح النظم الأجتماعية، ومن هاتين القضيتين خلص رجال مثل ديدرو وهلفشيوس ودي هولياخ إلى نتائج ثورية. وتساءل فولتير مستحضراً لوك في ذهنه "هل يمكن أن يكون ثمة شئ أعظم من أن نثير العالم بأسره سياسياً واجتماعياً ببضع حجج ومناظرات"(١٠). (مات فولتير قبل ١٧٨٩).
واستمع مرة أخرى إلى ما كتبه المركيز دارجستون اليقظ في ١٧٥٣.
"قد يكون من الخطأ أن نعزو ضياع الدين في فرنسا إلى الفلسفة الإنجليزية التي لم تكتسب أكثر من نحو مائة فيلسوف في باريس، بدلاً من إرجاعه إلى الكراهية التي أضمرها الفرنسيون لرجال الدين إلى أقصى الحدود".
ثم يضيف دارجنسون بعد التنبؤ بالثورة، مما أسلفنا ذكره:
ستكون الثورة شيئاً مختلفاً كل الاختلاف عن الإصلاح الديني- وهو