للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المذهب الحيوي: أفترض بذوراً معينة مكنت المادة من أن تسبب الحياة (٥١) ووجد من السهل عليه بعد ذلك أن يتبع لوكريتس "لا بد أن الأجيال الأولى كانت ناقصة غير تامة … وما كان يمكن أن يكون الكمال عمل يوم واحد في الطبيعة، ولا في الفن" (٥٢). وليضيق الهوة بين الحيوان والإنسان يحاول لامتري، على النقيض من ديكارث، أن يبرهن على أن بعض الحيوانات تفكر: -

لننظر إلى القردة والسمور (حيوان ذو فراء ثمين) والفيل وغيرها في تصرفاتها. وواضح أن هذه الأنشطة لا يمكن تأديتها دون ذكاء، ولم ننكر الذكاء على أن هذه الحيوانات؟ وإذا وهبتم نفساً فقد ضيعت. ومن ذا الذي لا يرى أن الروح الحيوان يجب أن تكون فانية أو باقية، من أي النوعين نفس الإنسان؟ (٥٣).

وليس ثمة فرق كبير بين أبسط إنسان وأذكى حيوان "فالبلهاء" أو المعتوهون … حيوانات لها وجوه بشرية. كما أن القرد الذكي إنسان صغير ذو شكل آخر (٥٤) ويستطرد لامتري فيقول في دعابته المألوفة أن كل مملكة الإنسان ليست إلا مركبات من قردة مختلفة، ووضع البابا نيوتن على رأسها (٥٥) ولم يعد الإنسان يكون قرداً إلا عندما أخترع أصواتاً معينة لتكون تعبيراً مناسباً عن أفكار بعينها. وأصبح إنساناً بفضل اللغة (٥٦).

وهل أقر لامتري بوجود إله "محركاً أول" لآلة العالم؟ وكأن فولتير وديدرو قد دافعا عن هذه الحجة من الحاجة إلى وجود نظام للكون. ورفضها لامتري في احتقار:

إن كل تفكير يقوم على العلل أو الأسباب النهائية تفكير طائش. إن الطبيعة تمهد الطريق للسيد البرجوازي ليتحدث نثراً دون أن يعرفه. إن الطبيعة عمياء حين تهب الحياة، قدر ما هي بريئة حين تدمرها. وكما أنها دون نظر خلقت عينين تبصران، فإنها كذلك صنعت دون تفكير، آلة تفكر (٥٧).

ولم يكن لامتري ملحداً صريحاً. إنه تظاهر بالميل إلى نبذ موضوع الإله