وهرب دنيس وسار على قدميه تسعين ميلاً إلى تروي حتى أستقل عربة هناك. وعاد أدراجه إلى باريس.
ولكن مدام شامبيون كانت مصممة على ألا تتزوج أبنتها من رجل منفصل عن أبويه محروم من الميراث وكان ديدرو يقيم في حجرة حقيرة لا يكاد يملك من حطام الدنيا شيئاً، وأنتابه مرض شديد فلما علمت أنطوانيت بذلك أسرعت إليه مصطحبة أمها معها قسراً، وهناك انهارت معارضة الأم. وسهرت مدام شامبيون وأبنتها على العناية بالفيلسوف المريض، وفي ٦ نوفمبر ١٧٤٣ تزوجت "نانيت من نينو"(كما كان يسمي الواحد منهما الآخر) في منتصف الليل في كنيسة صغيرة أثرت بمثل هذه الزيجات السرية. وأبتهج الزوجان بانجاب طفلة بعد تسعة أشهر، ولكنها لم تعمر لأكثر من ستة أسابيع. وولد لهما ثلاث أطفال آخرين جاوز واحد منهم سن الطفولة. وأثبتت أنطوانيت أنها زوجة مخلصة ولكن رفيقة غير ملائمة عاجزة عن متابعة تحليقات أو شطحات زوجها الفكرية، غير راضية في شيء من المزاح، عن دخله الضئيل من الترجمة. وعاد إلى مقاهي الفساد يعيش على قهوة ويلعب الشطرنج. وفي ١٧٤٦ كان قد أتخذ له عشيقة هي مدام بويسييه، ومن اجلها كتب "الأفكار الفلسفية""الحلي الزائفة" و"رسائل إلى العميان".
وكان منذ وقت طويل قد أستسلم لفتنة الفلسفة التي تجتذبنا دائماً، لأنها لا تجيب أبداً عن الأسئلة التي لا نكف مطلقاً عن إلقائها. ومثل بعض المفكرين الأحرار في هذا القرن، تأثر من هذه الناحية تأثراً عميقاً بقراءة مونتاني وبيل، ووجد في كل صفحة تقريباً في "المقال" وفي "القاموس" فكرة رائعة تلفت النظر. وأجتذبه كثرة مراجع مونتاني وإشاراته إلى الروائع الوثنية إلى الاستزادة من دراسة الفلاسفة اليونان والرومان وبخاصة ديموقريطس، وأبنيقوز ولوكريتس. وكان هو نفسه "الفيلسوف الساخر" في عصره، فيلسوفاً مادياً يتدفق حيوية ونشاطاً- ولم تتيسر له نفقات زيارة إنجلترا مثل فولتير ومونتسكيو، ولكنه تعلم أن يقرأ الإنجليزية في سهولة