للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ديدرو، وحملوها إلى القلعة (في ضواحي باريس) حيث وضع وحيداً في زنزانة في القلعة الكئيبة، وسمح له بالاحتفاظ بكتاب كان في جيبه عند اعتقاله "الفردوس المفقود" وتهيأ له فسحة من الوقت لقراءته بعناية. وكتب عليه حواشي وتعليقات بغير الطريقة التقليدية. واستخدم صفحاته الخالية في تدوين بعض الأفكار وموضوعات أقل ورعاً وتديناً، وتوصل إلى صنع الحبر من كشط الأردواز من الجدران وطحنه وخلطه بالنبيذ، واستخدم عودا من الخلال قلماً. وفي نفس الوقت هرعت زوجته التي عاشت مكتئبة مع طفلها البالغ من العمر ثلاث سنوات إلى رئيس الشرطة برييه، وتوسلت إليه أن يطلق سراح زوجها، وأنكرت علمها بكتاباته "وكل ما أعرفه أن كتاباته شبيهة بسلوكه. أنه يعتز بالشرف أكثر ألف مرة مما يعتز بالحياة، وإن مؤلفاته لتعكس الفضائل التي يتمسك بها" (١٨). وإذا كانت أنطوانيت لا تعلم شيئاً عن مدام بوبسييه، فإن الشرطة كانت تعلم، وكان أشد فعالية وتأثيراً من ذلك الالتماس الذي تقدم به الرجال الذين عهدوا إلى ديدرو وتحرير الموسوعة، حيث أكدوا لكونت دارجنسون أن المشروع لا يمكن أن يخطو خطوة بدون السجين. وفي ٣١ يوليو استدعى برييه ديدرو وحقق معه وأنكر ديدرو أنه مؤلف "رسالة العميان" وكتاب "الأفكار" وكتاب "الحلى الزائفة" وأدرك رئيس الشرطة أنه يكذب، وأعاده إلى السجن.

وفي شهر أغسطس، كتبت مدام دي شاتيليه- قبل وفاتها بشهر واحد والمفروض أن هذا بإيعاز من فولتير، من لونفيل إلى قريبها محافظ فنسان، ترجوه على الأقل أن يخفف من الشدة التي يعامل بها ديدرو. وحوالي ١٠ أغسطس عرض بربيه أن يسمح للسجين بالتمتع بالحرية والتيسيرات في قاعة السجن الكبرى مع الترخيص له باستقبال الزوار وتلقي الكتب، إذا قدم اعترافاً صادقاً. وفي ١٣ أغسطس وجه الفيلسوف المعاقب إلى بربيه الوثيقة الآتية: -