ولكني أعترف لك أني لست من رأى سندرسن الذي ينكر وجود إله، لأنه ولد أعمى. وربما كنت مخطئاً، ولكن لو أني في مكانه لاعترفت بوجود كائن أعظم بارع وهبني إضافات كثيرة تكمل البصر. أود من كل قلبي أن أتحدث إليك. وليس يهمني أن تعتقد أنك واحد من مخلوقاته، أو أنك جزء دقيق التنظيم من مادة أبدية ضرورية. وقبل مغادرتي لونفيل أرجو أن تشرفني بتناول عشاء فلسفي معي، في داري بصحبة بعض الحكماء.
ورد عليه ديدرو في ١١ يونية:
سيدي الأستاذ العزيز: إن اللحظة التي تسلمت فيها خطابك من أسعد لحظات الحياة … إن رأى سوندرسن ليس رأيي ولا هو رأيك … إنا أومن بالله، ولكني أنسجم كثيراً مع الملحدين، ومن المهم جداً ألا نخلط بين الشوكران (نبات يستخرج منه شراب سام) والبقدونس. ولكن ليس يهمني مطلقاً أن تؤمن بالله أولاً تؤمن به. وقال مونتاني إن العالم كرة تخلى عنها الإله للفلاسفة ليهيموا على وجوههم مطوفين حولها … (١٦).
وقبل ظهور أية نتيجة لهذه المراسلات قبض على ديدرو. ذلك أن الحكومة ثار غضبها لنقد صلح إكس لاشابل المذل علناً. وأودعت السجن نفرا من النقاد، ورأت أن الوقت قد حان لكبح جماح ديدرو وإيقافه عند حده ولسنا ندري إذا كان الإلحاد في رسالة العميان هو الذي أثار احتجاج رجال الدين، أو أن مدام دبري دي سانت مور وقد ساءتها إشارة ديدرو إلى العيون التي لا قيمة لها قد حفزت عشيقها (كبير مراقبي المطبوعات) إلى اتخاذ إجراء. وعلى أية حال فإن الكونت دارجنسون أرسل أمراً مختوماً (٢٣ يوليو ١٧٤٩) إلى ماركيز دي شاتيليه محافظ قلعة فنسان "استقبلوا في القلعة المدعو ديدرو، وأودعوه في السجن لحين صدور أوامر أخرى مني"(٧١) وفي الصباح الباكر في اليوم التالي طرق رجال الشرطة باب ديدرو، وفتشوا مسكنه ووجدوا نسختين أو ثلاثا غير مجلدة من رسالة العميان، وعدة صناديق مملوءة بمادة الموسوعة الشهيرة التي كان يعدها