وأجتاز دالمبير المحنة وقد اهتزت أعصابه بعض الشيء ومن ثم فإنه ضماناً لسلامته الشخصية اشترط ألا يكون مسئولاً بعد الآن إلا عن مقالات الرياضيات، ومهما يكن من أمر فإن ديدرو ظل يناضل الرقابة. وفي ١٢ أكتوبر ١٧٥٢ نشر ظاهرياً في برلين وباسم دي براد "مواصلة الدفاع عن الراهب دي براد"، وتحدث فيه غاضباً، مشيراً إلى أن أحد الأساقفة شجب مؤخراً رسالة السوربون:"لست أعلم شيئاً أكثر مجافاة للياقة وأشد خطراً على الدين من هذه الخطب الغامضة التي تهاجم العقل والتي يلقيها بعض رجال اللاهوت. وقد يقول المرء لدى سماعها أن الناس لا يستطيعون الدخول في المسيحية إلا كما يدخل قطيع من الحيوان إلى حظيرة، وأن على المرء أن يتخلى عن الإدراك السليم وحصافة الرأي ليعتنق ديننا أو يستمسك به. وأكرر القول بأن إقرار هذه المبادئ معناه الهبوط بالإنسان إلى مستوى الحيوان، ووضع الزيف والحقيقة على قدم المساواة"(٣٩).
وتابع في المجلد الثالث هجماته غير المباشرة على المسيحية، وغلفه بالجهر بالإيمان بالعقيدة القويمة. وأبرزت مقالته "التوقيت الزمني المقدس" مرة أخرى تناقضات التوراة. وألقت ظلالاً من الشك في نصوص الأسفار المقدسة. وأكدت مقالته عن "الكلدانيين" على إنجازاتهم في الفلك، ولكنها رثت لخضوعهم للكهنة "أنه لمما يزري بالعقل ولا يشرفه تقييده في الأغلال كما فعل الكلدانيون. ولد الإنسان ليفكر لنفسه" وعددت مقالته عن "الفوضى" الاعتراضات على فكرة الخلق وأسهبت -زعماً أنها تدحض وتفند- القول في حجج أبدية المادة. واشتملت على بعض النقاط الخلافية التي تثير الجدل مقالاته الممتازة في التجارة والمنافسة وأسلوب التأليف والتركيب (في الرسم)"والكوميديين" أي الممثلين، وأوضح ديدرو أنه لم يكن رساماً ولا خبيراً باللوحات والرسوم ولكنه أضطر إلى الكتابة في الموضوع لأن "الهاوي المتبجح" الذي عهد إليه بالكتابة عن أسلوب التأليف في الرسم، كان قد قدم موضوعاً تافهاً غير جدير بالنشر. وعبرت مقالة ديدرو عن بعض