كثيراً على كتاب جوهان جاكوب بروكر "تاريخ النقد الفلسفي"(١٧٤٢ - ١٧٤٤) ولكنها كشفت عن بحث أصيل في الفكر الفرنسي، وشرحت المقالات التي كتبت عن مدرسة إلياو أبيقور المذهب المادي. وأفرطت بعض المقالات في إطراء برونو وهوبز. وباتت الفلسفة عند ديدرو ديانة. "والعقل للفيلسوف هو بمثابة البركة والنعمة الإلهية للمسيح"(٥٥). وصاح "فلنسارع لنجعل الفلسفة شعبيه"(٥٦). وفي مقالة "الموسوعة" كتب كما يكتب الرسل أو الحواريون "اليوم حين تتقدم الفلسفة إلى الأمام بخطى جبارة، وتخضع لسلطانها كل الأشياء التي تهمها، وحين يكون صوتها عالياً مدوياً، وتشرع في طرح نير السلطة والتقاليد وتتمسك بقوانين العقل … "وهنا كانت العقيدة الجريئة الجديدة مع ثقة فتية شابة قليلاً ما توجد ثانية. وربما كان يفكر في حاميته الإمبراطورية في روسيا، وأضاف مثل أفلاطون" وحدوا بين حاكم (كترين الثانية) وبين فيلسوف من هذا الطراز (ديدرو) ومن ثم تجدون ملكاً بلغ درجة الكمال (٥٧).
وإذا حل مثل هذا الفيلسوف محل كاهن اعتراف مرشد وموجه للملك، فلا بد أن ينصحه أول ما ينصح بإطلاق الحرية، وبخاصة حرية الكلام والصحافة "إن أحداً لم يتلق من الطبيعة حق التحكم في الآخرين" (٥٨) وفي هذا تعريض شديد بحقوق الملك الإلهية أما بالنسبة للثورة: "إن السلطة التي يتم الاستيلاء عليها عن طريق العنف ليست إلا اغتصاباً، لا تدوم إلا بقدر تفوق قوة من سيطر على قوة من أذعنوا له. فإذا توافر لهؤلاء الآخرين قسط كبير من القوة وتخلصوا من نير من تسلط عليهم من قبل فإنهم يفعلون بحكم الحق والعدل مثل ما فعل هذا الذي كان قد تحكم فيهم وفرض عليهم سلطانه من قبل. إن نفس القانون الذي فرض السيادة هو الذي يحطمها ويبطلها، وهو قانون الأقوى، … ومن ثم فإن السلطة الحقيقية الشرعية لها بالضرورة حدود وقيود … إن الأمير (الملك) يتلقى من رعاياه السيادة التي يمارسها عليهم. وهذه السيادة محدودة بقوانين الطبيعة وقوانين الدولة … إن الدولة لا تتبع الأمير، بل إن الأمير هو الذي يتبع الدولة وينتسب إليها (٥٩).
ولم تكن الموسوعة اشتراكية ولا ديمقراطية، بل إنها قبلت الملكية،