للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بأرجاء باريس يبحث عن الكتاب ويستحثهم. ودبج بقلمه مئات المقالات في حالة عدم العثور على الكتاب أو عجزهم عن الكتابة. وكان المرجع الأخير إذا قصر الآخرون، ومن ثم نجده يكتب في الفلسفة والفن والمسيحية، والأصلة العاصرة (نوع من الحيات الضخمة الماحقة) والجمال وأوراق اللعب ومصانع الجعة والخبز المقدس. وسبقت مقالته عن "التعصب أو عدم التسامح" رسالة فولتير في نفس الموضوع، وربما أوحت ببعض الأفكار الواردة فيها. وزخر الكثير من مقالاته بالأخطاء، وكان بعضها عدائياً غير منصف بشكل مشوش، مثال ذلك مقالته عن اليسوعيين، ولكنه كان في عجلة من الأمر، على حذر يستعد للنضال، كما كانوا يطاردونه، وكان يحارب بكل سلاح في متناول يده.

أما وقد خفت حدة المعركة، ففي مقدورنا أن نتبين مواطن الضعف في الموسوعة. ففيها ألف خطأ في إيراد الحقائق، وفيها تكرارات طائشة غير مدروسة وحذف فاضح، وكان فيها انتحالات جوهرية، كما أوضح الباحثون اليسوعيون "وكانت بعض المقالات" لوحة من المسروقات أو الاقتباسات (٦٩). وفي ثلاثة أعداد من صحيفة تريفو أورد برتييه، استناد إلى مراجع دقيقة ومقتبسات متطابقة أكثر من مائة من الانتحالات في المجلد الأول وكان معظم هذه المسروقات مختصراً غير ذي أهمية، ولكن بعضها امتد إلى ثلاثة أو أربعة أعمدة منقولة بالحرف الواحد.

وكان في الموسوعة شوائب فكرية خطيرة. ومن ذلك أنه كان لدى المؤلفين فكرة بالغة السذاجة عن الطبيعة البشرية، وتقدير متفائل إلى حد بعيد لأمانة العقل وإدراك غامض غاية الغموض لضعف هذا العقل وهشاشته أو سهولة إنقياده، ونظرة عامة متفائلة أكثر مما ينبغي إلى كيفية استخدام الناس للمعرفة التي يزودهم بها العلم. إن الفلاسفة بصفة عامة وديدرو بصفة خاصة، كانت تعوزهم الحاسة التاريخية. إنهم قليلاً ما توقفوا ليبحثوا كيف نشأت ونهضت تلك المعتقدات التي حاربوها، وأية حاجات بشرية، لا ابتداعات كهنوتية أنتجتها وهيأت لها الدوام. وعميت أبصارهم تماماً عن إسهام الديانة الضخم في النظام الاجتماعي وفي الأخلاق وفي الموسيقى والفنون، وفي