تخفيف الفقر والشقاء. إن تحاملهم على الدين شديداً إلى حد أنهم لا يستطيعون مطلقاً إدعاء النزاهة أو عدم التحيز الذي ينبغي أن نعتبره الآن عنصراً أساسياً في الموسوعة الجيدة. وعلى الرغم من أن بعض اليسوعيين مثل برتييه، كانوا في الغالب منصفين في نقدهم للموسوعة، فإن معظم نقادنا كانوا متحيزين مثل الفلاسفة.
وأحس ديدرو إحساساً قوياً بالأخطاء الحقيقية الفعلية في الموسوعة فكتب في ١٧٥٥: إن الطبعة الأولى من الموسوعة لا يمكن إلا أن تكون جمعاً وتصنيفاً مشوهين ناقصين (٧٠)، وتوقع أن تحل محلها وشيكاً طبعة أخرى مصححة. وحتى مع هذا شق هذا الإنتاج الضخم طريقه إلى الأوساط الفكرية في القارة. وأعيد طبع المجلدات الثمانية والعشرين ثلاث مرات في سويسرا، ومرتين في إيطاليا، ومرة في ألمانيا، ومرة في روسيا، وعادت الطبعات المنتحلة إلى فرنسا لتنشر تأثير الأفكار المهربة. وبلغ عدد الطبعات ثلاثاً وأربعين طبعة على مدى خمسة وعشرين عاماً -وهو رقم قياسي لمثل هذه المجموعة الغالية الثمن. وكان أفراد الأسرة يجتمعون في المساء ليقرءوا الموسوعة وتألفت مجموعات متلهفة على دراستها. وأشار توماس جفرسون على جيمس ماديون بشرائها.
والآن وقد ظهر إنجيل العقل ضد الأساطير، وإنجيل المعرفة ضد العقيدة والتعاليم الدينية، وإنجيل التقدم عن طريق التعليم ضد التأمل أو التفكير القديم في الموت، فكأنما هبت كلها على أوربا مثل ريح محملة بلقاح جديد، تبدد كل التقاليد وتنير الفكر وتوقظه، وتدعو آخر الأمر إلى الثورة.