أنه عمل ثلاثي. وفي "المحادثة" الأولية بين ديدرو ودالمبير يعترض العالم الرياضي على مذهب صديقه المادي الحيوي بأنه ليس مقبولاً أكثر من قبول مفهوم الله عند رجال اللاهوت في القرون الوسطى. يقول ديدرو:"ليس بينك وبين الحيوان إلا فارق واحد في الكائن الحي (درجة التطور العضوي) وكذلك الحال بين الحيوان والنبات". ومن ثم فإن كل شيء في الإنسان يجب أن تكون له بذرته أو نظيره في النباتات". ويسأل دالمبير: وفي المادة أيضاً؟ فيرد ديدرو بالإيجاب، لأنك "كيف تعرف أن الوجدان لا يلتئم مع المادة -أنت الذي لا تعرف جوهر أي شيء لا المادة ولا الوجدان؟ وليس ثمة إلا جوهر واحد في الكون في الإنسان وفي الحيوان" (١١).
وبيرز الجزء الثاني من هذه الثلاثية دكتور بوردو والآنسة دي لسبيناس إلى جوار سرير دالمبير وهو نائم بعد أمسية قضاها في الجدل والحوار مع ديدرو (وكانت الآنسة وقد أشتهرت فعلاً بصالونهاتقيم مع دالمبير في لون من الحياة الأفلاطونية). وتروى للطبيب أن صديقها رأى فيما يرى النائم حلماً مزعجاً وأنه تحدث في نومه حديثاً غريباً وأنها دونت بعض ملاحظات عن هذا الحديث، مثال ذلك إن دالمبير قال لديدرو "أنتظر قليلاً أيها الفيلسوف. أنا أستطيع أن أدرك بسهولة مجموعة … من الكائنات الصغيرة التي تحس، ولكن الحيوان؟ هل هو كل .. بوعي من وحدته الخاصة به؟ أنا لا أرى هذا (١٢) ويرى الحالم في منامه أن ديدرو يروغ إذ من السؤال يتخذ موقفاً عفوياً "عندما رأيت المادة الهامدة تصبح في حالة شعور فلا شيء يدهشني بعد ذلك"(١٣). ويتابع ديدرو:"إذا كانت كل الأنواع الموجودة ستزول فإنها أو أية أشكال أخرى من الحيوان ستنتج على إمتداد الزمن تخمر الأرض والهواء. ويشترك بوردو والآنسة في المناقشة، ولكن تقاطعهما صرخة مفاجئة من الرجل الذي يحلم والذي يتحدث الآن مثل ديدرو. "لماذا أكون أنا الآن كما أنا؟ لأنه لم يكن ثمة مفر من أن أكون كذلك. إذا كان كل شيء في تغير عام متواصل فما الذي لا يمكن إنتاجه هنا أو في أي مكان آخر