منكراً العناية الألهيه والتخطيط والتدبير الألهي. وكان من الناحية النظرية "لا أدرياً" ينكر أي علم أو أهتمام بأي شيء فيما وراء دنيا الحواس ودنيا العلوم، وتحدث أحياناً بشكل غامض عن وعي كوني تعثر وتخبط عبر زمان لا حدود له، وقام بتجارب تنتج الآن أشخاصاً غريبة عقيمة أو يسبب أحداثاً سعيدة -لا يكاد يكون إلهاً يتقبل الصلوات والدعوات. ويمكن أن يصبح في أحدى نوبات الغضب خصيماً عنيفاً، وأنبأ عن مبغض البشر الذي بث فكرة الإله، إنتقاماً من الحياة، وأنتشرت الفكرة، وسرعان ما تشاجر الناس وكره بعضهم بعضاً، وقطع الواحد منهم رقبة الآخر. وكانوا يفعلون نفس الشيء منذ جرى هذا الإسم الكريه على الألسنة. وأضاف ديدرو في إبتهاج مقرون بالحذر "ربما ضحيت بحياتي في سبيل القضاء على فكرة الإله قضاء مبرماً"(٢٢). ومع ذلك فإن نفس العبقرية المهوشة أحست بنظام الكون وعظمته المذهلتين، وكتب إلى الآنسة فوللاند:"أن الإلحاد أقرب ما يكون إلى الخرافة، وكلاهما صبياني طائش"، ثم أضاف "لقد جن جنوني لأني حائر متورط في فلسفة شيطانية لا أملك إلا أن يقرها ذهني وينبذها قلبي"(٢٣) وأقر في سنيه الأخيرة بعد ذلك صعوبة أشتقاق العضوي من غير العضوي أو الفكر من الأحساس" (٢٤).
ولكن ديدرو لم يهدأ قط في حملاته على المسيحية، وثمة فقرة مثيرة من رسالة خاصة تلخص موقفه منها، "من رأيي أن العقيدة المسيحية أسخف وأشنع ما تكون في تعاليمها ومبادئها، كما أنها مستعصية على الفهم، ميتافيزيقية مربكة غامضة إلى أبعد الحدود. ومن ثم كانت أكثر تعرضاً للأنقسامات والشيع والإنشقاقات والهرطقات، وأكثرها أيذاءً وأزعاجاً للهدوء العام، وخطراً على الملوك والحكام في تسلسل مراتبها الكهنوتية وأضطهاداتها ونظامها العام، وهي أشد العقائد فتوراً وكآبة وبعداً عن المدنية، وعبوساً في طقوسها، وأشد صبيانية وأنطوائية وبعداً عن الروح الأجتماعية في أخلاقياتها … وهي متعصبة لا تحتمل إلا أقصى (٢٥) ".