للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يساوره القلق بشأن أخلاقها، وكان يقظاً حريصاً على عذريتها بأعتبارها ذخراً ثميناً وسلعة رائجة. ولما رأى أنه قد تم زواجها في أمان، حذرها من لزنى، قائلاً إن مجرد الأرتياب في خيانتها لزوجها سيقتل الزوج كمدا، وستقضى عليه بسبب الخزي والفضيحة (٦١). وفي نقده للفنون عاب على الفنان بوشيه فساده وفسقه، وأمتدح التواضع وغيره من الفضائل المسيحية كما صورها جريز وشاردان. وبشر ديدرو في رواياته بالفضائل القديمة مثل أي برجوازي راسخ الأركان مزدهر الأحوال. وتسلى ديدرو ببعض قطع من المرح الطائش مثل "ملحق رحلة بوجينفيل" وبعض المرح الصاخب وشطحات الخيال على مائدة العشاء عند دي هولباخ. حتى إذا عاد أدراجه إلى بيته أصر على الأستمساك بكل فضائل الطبقة الوسطى، وحاول أن يمارسها إذا أجيز له شيء من الزنى على نطاق ضيق فقط.

وكانت أفكاره السياسية مهوشة مثل آرائه في الأخلاق، وسلم هو بهذا في صراحته لمحبته. ولم يتفق مع فولتير في أن الملك المستنير هو أفضل أداة ممكنة للأصلاح. وأتهم فردريك الأكبر بأنه طاغية، وحاول أن يحول كاترين الكبرى إلى الأفكار الديمقراطية. ووافق على الملكية الدستورية ولكنه أقترح جمعية وطنية ينتخبها الملاك لأن لهم سنداً أو مصلحة في حكومة أقتصادية صالحة (٦٢). (وعندما كتب هذا لم يكن من المتصور أن يكون بديلاً ممكناً للأرستقراطية في حكومة فرنسا إلا الطبقة المتوسطة من الملاك) وحلم ديدرو بمجتمع كريم تتحقق فيه للجميع الحرية والمساواة كلتاهما (وهما العدوان الطبيعيان) ولكنه أرتاب في جدوى أية أصلاحات، حتى يرفع أنتشار التعليم من مستوى تفكير الناس وعقولهم (١).


(١) الأبيات التي كثيراً ما أقتبست وشوهت هي: وقد تلوى يداه أحشاه الكاهن، لعدم وجود حبل لشنق الملوك "وضعها ديدرو عن سان أحد المتعصبين في رواية "المجانين بالحرية" ولا يمكن أن تؤخذ على أنها وجهة نظر ديدرو، لأنه أستنكر صراحة قتل الملك: "لا يجوز أن يرى الشعب الدم الملكي مسفوحا لأي سبب مهما يكن (٦٤) ولا يمكن أن يكون لهذه الأبيات أي تأثير على مصير لويس السادس عشر، لأنها لم تنشر إلا في ١٧٩٥.