مثل السهولة التي يتقبل بها الناس أسوأ الأعمال حين لا يكون (كما هو الحال في حشد منهم) .. هناك من هو مسئول شخصياً عن الشر الذي وقع (٥٥) ويقول جاك المؤمن بالقضاء والقدر: "صدقني نحن لا نشفق على أحد إلا على أنفسنا"(٥٦) ويلغى ديدرو الآن مبالغاته القديمة بمبالغات جديدة. فربما "لوى الإنسان الطبيعي عنق أبيه ليضاجع أمه، لولا تنمية عقله بفضل التعليم (٥٧) ولما تضاءلت حاجيات ديدرو الجنسية، أتفق مع أبيقور على أن "ملذات أو مباهج النفس" مرضية بشكل أكثر أطراداً من الملذات الجنسية، أو المادية (٥٨) وهو يتساءل "هل هناك متعة أو لذة مادية فحسب في إقتناء امرأة جميلة؟ وهل هناك ألم مادي فحسب في فقدان بسبب الموت أو التحول عنها؟ أليس التمييز بين المادي والمعنوي قائماً وطيداً مثل التمييز بين الحيوان الدقيق الذي لا يرى إلا بالميكرسكوب والذي يحس، وبين الحيوان الذي يفكر ويتأمل ويعقل (٥٩).
وإذ وصل الآن ديدرو إلى مفهوم البيولوجي للفضيلة- صفة تعمل على البقاء، فقد تسنى له في شيء من الغموض أن يدرك أن أسمى الفضائل هي تلك التي تعمل على بقاء المجموعة، حيث أن التنظيم الأجتماعي هو الوسيلة الرئيسية لبقاء الفرد، وفي قصة "أين أخي رامو" تبين ديدرو ماذا يحدث لمن يحاول تحطيم القيود المفروضة على الفرد من أجل الأحتفاظ بالجماعة أو الإبقاء عليها. ومثل هذا الإنسان يصبح كما مهملاً ومنبوذاً بغير عقيدة أو طعام أو زوجة أو أمل. وبذلك يختتم ديدرو عن تاهيتي بشيء من الأعتدال في بطء:"إننا سوف نندد بالقوانين الوحشية حتى يتم إصلاحها ولكنا في نفس الوقت سنخضع لها. إن من يكون من سلطته أن تنتهك حرمة قانون سئ يعطي لكل إنسان غيره الحق في أنتهاك حرمة القانون الصالح إنه أقل إزعاجاً أن تكون مجنوناً بين المجانين من أن تكون عاقلاً بمفردك"(٦٠).
وعندما أكتملت وبرزت مفاتن الأنوثة في أنجليك أبنة ديدرو، بدأ