يجدر بالكاتب المسرحي إلا يعرض كثيراً من الدراسة للشخصية بل كثيراً من ظروف الحياة الواقعية في الأسرة، في الجيش، في السياسة، في المهن، بل حتى في الصناعة. وحيث كانت الطبقات الوسطى منبع الفضيلة في فرنسا فقد أصر ديدرو على أن يكون من وظائف المسرحية الجديدة أن تغرس في الناس حب الفضيلة ومقت الرذيلة "مدمغ الفن المقصود به مجرد الترفيه بأنه ترف الطبقة الخاملة" فلا بد أن يكون لكل فن وظيفة وفائدة أجتماعية. وأي هدف أن يسعى المسرح إلى تحقيقه أفضل من أن يكسو الفضيلة فتنة وسحراً وجلالا!
أن الرواية وما صاحبها من بيانات وتصريحات فرقت أهل الفكر في باريس إلى معسكرات متنابذة، وتناول باليسو وغيره من أعداء الفلاسفة آراء ديدرو بالتسفيه والتسخيف. أما فريرون فأنه لم ينقد الرواية بأنها تعليمية جافة كئيبة متبلة ببعض المشاعر والفضائل الزائفة فحسب، بل أنه كذلك أوضح في إعداد متوالية من "السنة الأدبية" التي كان يصدرها تشابهاً مريبابين النصف الأول من "الأبن الطبيعي" وبين كوميديا "التصديق الحق" التي كان جولدوني قد مثلها في البندقية ١٧٥٠. وأعترف ديدرو بقوله: لقد إستحوذت عليها وكأنها خاص بي ولم يكن جولدوني أكثر تدقيقاً فأنه إستحوذ على رواية مولير "البخيل". وما كان يدور بخلد أحد أن هذا غير لائق. ولم يحلم أحد منا بأتهام موليير أو كورني بالسطو والأنتحال لأنه أقتبس ضمناً فكرة أحدى الروايات من مؤلف إيطالي أو مسرح أسباني (٨٣).
وهذا يصدق بطبيعة الحال على رواية كورني "السيد Lecid " ورواية موليير "مأدبة الصخرة" Le Feslin de Pierre ( دون جوان).
وبتشجيع من الأصدقاء وتحدياً للأعداء، ووسط أشد ما يلاقي من عناء في الموسوعة، ألف ديدرو ونشر (١٧٥٨) رواية أخرىة أسمها "رب الأسرة" وأضاف موضوعاً أثار الغضب: بحث في الشعر المسرحي، وهو عنوان يذكرنا بالعنوان الذي إستخدمه دريدن لبحث مماثل منذ تسعين