للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي كل شطحات قلبه وذهنه أحتملت زوجته أنطوانيت بكل الصدق والإخلاص، ولم تكف عن لومه وتوبيخه. وألتمست السلوى والعزاء في الدين ولعب الورق ولم ينقطع الشجار بينهما يومياً تقريباً، ولم يضيق الزمن الهوة بين الرجل الذي تدور برأسه ألف فكرة والمرأة التي تعبد رباً واحداً ولم يتوقف أصدقاؤه قط لتحيتها عندما كانوا يأتون لزيارته. ولما أكتشفت علاقته بصوفي ثارت ثائرتها التي بدت له فرصة غير ملائمة للأفتراق عنها تماماً. ولفترة من الوقت ظل يتناول طعامه في مكتببه، وكتب إلى جريم يقول "إنهال بدأت تحس بنتائج هذا الفرق البسيط. إن نفاد نقودها وهو ما أراه وشيكاً، وسيدي حتماً إلى الصلح وعودة الإمور إلى مجاريها (١٠٨). وإنتابها المرض فرق قلبه لها وتولى رعايتها متذمراً، وتجاوبت معه في رقة ظن منها أنها تلفظ أنفاسها الأخيرة. ومهما يكن من أمر فإنه في رسالة بعث بها إلى صوفي وصف مرض زوجته أنطوانيت مازحاً. وعندما فكر صديقه سوارد في الزواج نصحه ديدرو أن يلقي بنفسه في لجة اليم بدلاً من الزواج. (وكان زواج سوارد من أسعد الزيجات في عصر الشقاء هذا).

وكان من الجائز أن يولي ديدرو الفرار من داره لزلا أنه أحب وسائل الراحة في بيته، وشغف حباً بأبنته الجمسلة. وكانت أنطوانيت (١٧٣) في الثالثة والأربعين حين وضعت طفلها الرابع. وشبت ماري أنجليك وأكتملت لها كل مفاتن الأنوثة، فركز ديدرو كل إهتمامه عليها وتعلق بها، فشاركها في ألعابها. وأنا لنتصور الرجل الذي أثقلت الفلسفة رأسه يلعب فشاركها في ألعابها. وأنا لنتصور الرجل الذي أثقلت الفلسفة رأسه يلعب مع أبنته الصغيرة الغمضية والحجلة والطفل المعصوب العينين "كنت شغوفاً بأبنتي الصغيرة إلى حد الجنون. أية شخصية محبة هي: أو أية سيدة أستطيع أن أخلق منها إذا سمحت لي أمها بذلك". وعنى بتلقينها كل الفضائل المسيحية. ولما قاربت سن البلوغ زودها بتوجيهات لتصون نفسها من ذئاب باريس. وماذا كانت تعني عروضهم؟ "إنها تعني يا آنسة رضاء لي، هلا جللت نفسك بالفضيحة والعار، وفقدت مركزك الاجتماعي