وجهة نظر اجتماعية لا لاهوتية، أنه يشجب وجهة النظر الكاثوليكية في تمجيد العزوبة والفقر، ولكنه يطرب ويبتهج لأن قلة ضئيلة من المسيحيين هم الذين ينظرون إلى هذه الأفكار بعين الجد. "أن ميلاً خفياً إلى الشك وعدم التصديق يقاوم هذه الأثر الخبيث المؤذي للمبادئ الدينية (١٨) أنه يتهم سيطرة الكاثوليك على التعليم لا بأنه تعوق النقد الفني والعلمي في الأمة بتجاهل العلوم والاستخفاف بها فحسب، بل بأنها كذلك تمكن رجال الدين من تشكيل ذهن الطفل لإخضاعه للسيطرة الكهنوتية (١٩).
"إن رغبة رجال الدين في كل العصور انصرفت إلى القوة والنفوذ والثراء. وبأية وسيلة يمكن إشباع هذه الرغبة؟ ببيع الرجاء (في التعليم) والخوف (من الجحيم). إن الكهنة وهم تجار جملة في هذه السلع كانوا يحسون ويدركون أن هذا البيع سيكون مؤكداً رابحاً (٢٠) ..... وتتوقف قوة الكاهن وسلطانه على الخرافات، وعلى تصديق الناس في غباء وحمق لهم. وليس اتعليمهم قيمة لديه. وكلما قلت المعرفة عندهم ازدادوا امتثالاً لأوامره (٢١) .... إن أول هدف للكهنة في كل ديانة هو خنق حب الاستطلاع عن الناس، والحيلولة دون فحص أية تعاليم ومبادئ يكون سخفها ملموساً محسوساً إلى حد لا يمكن إخفاؤه (٢٢) … لقد ولد الإنسان جاهلاً، ولكنه لم يولد مغفلاً أبله، وليس إلا بالجهد والمشقة ليكون كذلك، ولا بد لذلك وليكون قادراً على إطفاء هذا النور الطبيعي في داخله من استخدام كثير من الخدع والحيل والأساليب، ومن ثم يكدس التوجيه والتربية في ذهنه أخطاء فوق أخطاء (٢٣) وليس ثمة شيء تعجزه قوة الكهنوت بمساعدة الخرافة عن تنفيذ، لأنها تسلب الحكام والقضاة سلطانهم وسيادتهم، والملوك سلطتهم الشرعية، وبذلك تخضع الناس وتحرز السيطرة عليهم. وغالباً ما تكون هذه أعلى من سيادة القوانين، ومن ثم تفسد في النهاية المبادئ الأخلاقية نفسها (٢٤).