"أنه التعصب أم عدم التسامح الديني هو ربيب الطمع الكهنوتي وسرعة التصديق الغبي الأحمق (٢٥) … وإذا أنا صدقت مربيتي أو معلمي! إن كل ديانة أخرى باطلة زائفة، وديانتي وحدها هي الصحيحة الحقة. ولكن هل يعترف العالم كله بهذا؟ لا، فإن الأرض لا تزال تئن تحت وطأة المعابد الكثيرة الموقوفة على الخطأ (٢٦). وماذا يعلمنا تاريخ الأديان؟ أنها أضاءت في كل مكان مشعل التعصب وملأت السهول بالجثث وخضبت الحقول بالدماء وأحرقت المدن وأقامت إمبراطوريات مهلهلة (٢٧). أليس الأتراك، ودينهم دين جهاد وحرب، أكثر تسامحاً منا؟ إننا نشهد الكنائس في القسطنطينية ولكنا لا نرى مساجد في باريس (٢٨). إن التسامح يخضع الكاهن للأمير ولكن التعصب يخضع الكاهن للأمير ولكن التعصب يخضع الأمير للكاهن (٢٩).
ويميل هلفشيوس إلى القول باستثناء واحد في جانب التعصب، حيث يقول: "هناك سبب واحد يمكن أن يكون فيه التعصب ضاراً بالشعب، حيث يكون التسامح مع عقيدة تتسم بالتعصب مثل الكاثوليكية. فإن مثل هذه العقيدة التي تصبح أقوى ما تكون في دولة ما سوف تسفك دائماً دماء حماتها الأغبياء. لا تسمحوا للكاثوليك المتملقين أن يستغلوا البروتستنت. إن القساوسة الذين يعتبرون التعصب في بروسيا أمراً بغيضاً وخرقاً للقانون الطبيعي والسماوي ينظرون إلى التسامح في فرنسا على أنه جريمة وهرطقة. وماذا يجعل الإنسان مختلفاً عن غيره في مختلف الأقطار؟ ليس إلا ضعفه في بروسيا وقوته في فرنسا. وإذا تأملنا في سلوك المسيحيين الكاثوليك، لوجدنا أنهم في البداية حين يكونون ضعافاً يبدون وكأنهم حملان وديعة حتى إذا أصبحوا أقوياء كانوا وحوشاً ضارية (٣٠).
وأدلى هلفشيوس من حين إلى حين بكلمة طيبة عن المسيحية، وبخاصة عن البروتستنتية ولم يكن ملحداً ولكنه كره تصوير الأصفار المقدسة للإله