غير ذي قيمة. وكان هوبر أقرب إلى الحقيقة حين وصف "حالة الطبيعة" بأنها صراع كل فرد ضد المجتمع. إن لفظتي الخير والشر في تطبيقها على الناس ليس لهما معنى إلا في مجتمع، وكل الطيبة فضيلة اجتماعية وهي نتاج التدريب أو التعليم الاجتماعي على الغابات والأغراض الاجتماعية. "إن الأمير الذي يثق في استقامة الخلق الفري المتأصل في النفوس شقي تعس. إن روسو يفترض وجود هذه الاستقامة، ولكن الخبرة تنكر وجودها. وكل من يتأمل في هذا سينتهي إلى أن الطفل يقتل الذباب ويضرب كلبه ويخنق عصفوره أي أن غب الطفل كل رذائل الرجل. إن الرجل وهو في أوج سلطانه، (متحرراً من كل القيود والضوابط الاجتماعية) غالباً ما يكون جائراً ظالماً. والطفل القوي مثله تماماً: فإنه إذا لم يكبح جماحه وجود رفاقه مثل الرجل في أوج سلطانه يستحيل لنفسه حلوى رفيقه وأدوات لعبه ويستولي عليها (٣٧).
ومن الواضح عندئذ أنه ليس هناك حاسة أخلاقية فطرية، فكل الأحكام على الخطأ والصواب تنمو عن طريق خبرة الفرد نتيجة لتعاليم أسرته وجماعته وحكومته وكنيسته، وفرضها عليه قسراً. فإذا تحر ر الفرد من هذا القسر. كما هو الحال في الحكم المطلق أو الحرب أو الزحام-فإنه يميل إلى العودة إلى مخالفة القانون والتمرد عليه، وإلى عدم التمسك بالمبادئ الأخلاقية. وهنا "لا تكون الأخلاق في معظم الأمم آنئذ إلا مجرد مجموعة من تعاليم وقواعد سلوكية يمليها ويفرضها الأقوياء ليضمنوا سيطرتهم وسيادتهم، مع الاستمرار في ظلمهم وطغيانهم، مع الإفلات من أي عقاب" ولكن الأخلاق بمعناها الصحيح هي "معرفة الوسائل التي يبتدعها الناس ليعيشوا معاً وجنباً إلى جنب في أسعد حال … وإذا كان من بيدهم الأمر والسلطة لا يعارضون تقدم المعرفة بهذه الوسائل فإنها تنهض وتتقدم كلما أكتسب الناس معرفة جديدة" (٣٩).
وهلفشيوس يعتنق صراحة مذهب المتعة (اللذة أو السعادة). وهي الخير الرئيسي أو الأوحد في الحياة: فالسعادة هي هدف الحياة هنا على الأرض، والسعادة هي استمرار اللذة ودوامها، وكل اللذة حسية أو فسيولوجية