وكانت مدام دي ديفان واحدة من النفر القليل الذين اتفقوا مع هلفشيوس في هذه النقطة. وقالت "إن هذا الرجل كشف الغطاء عن سر كل إنسان"(٦٢) أما آدم سميث الذي كان يتبع صديقه هيوم فإنه أصر على أن الغيرة مؤسسة على مشاعر عطف فطرية مثل الأنانية سواء بسواء، ولكنه في كتابه "ثروة الأمم" أسس نظريته الاقتصادية على شمولية حب الذات. وفي نشوة الثورة أثار هلفشيوس اشمئزاز مدام رولان. "لقد شعرت أني مدفوعة بكرم لم يعترف هو به قط .... وواجهت نظرياته بالأبطال العظام الذين خلدهم التاريخ (٦٣).
ولا يمكن حل هذه المسائل بسهولة في فقرة من الفقرات، ويبدو واضحاً أن الاختلافات في التكوين الوراثي أو الخلقي تؤثر تأثيراً جوهريا في عمل البيئة والتعليم. وكيف إذن نفسر بأي شكل آخر الخلق والنمو المتبادلين كل التباين في الأخوة على الرغم من التشابه في النشأ والأصل والفرص؟ ومع ذلك فإن هلفشيوس كان على حق؟ في نطاق الحدود التي فرضتها البيئة، فيمكن أن تحدث تغييرات جسيمة في سلوك الأفراد والجماعات بفعل الاختلافات فب البيئة والتعليم والتشريع، إلا كيف نفسر انتقال الإنسان من الهمجية إلى المدنية؟ وربما يجدر بنا أن نسلم لهلفشيوس بأنه ليس ثمة إنسان يعمل واعياً بطريقة أشد إيلاماً من بديلتها. ولكن بعض الغرائز الاجتماعية-حب الأم، حب العيش مع أبناء جنسه، حب الاستحسان-على الرغم من أنها لا تقدر على منافسة غرائز النزعة الفردية في كمال القوة، فإنها أي الغرائز الاجتماعية قوية إلى حد تستطيع معه توليد أفعال اجتماعية قبل أي ترجيح واعٍ للذة أو الألم أو النتيجة. فكل منا ذات أو "أنا" ولكن بعض الذوات أو "الأنا" تتسع لتشمل أسرتنا أو جماعتنا أو وطنا أو الجنس البشري بأسره. وعلى هذا الأساس تكون أوسع "أنا" هي الأفضل.
وعلى أية حال فإن كثيراً من الناس تأثروا وتحركوا للتفكير والعمل بفضل أراء هلفشيوس. ومن الجائز أنه تحت تأثير هلفشيوس بدأ لاشالوتيه