وذكر بريسو في ١٧٧٥ "لقي منهج هلفشيوس وآراؤه أعظم رواج وشعبية". وشكا ترجو على حين كان يعارض هذا المنهج من أن الناس امتدحوا وأثنوا عليه في شيء من الشدة والعنف: وقال آخر "إن هذا الكتاب كان يوجد على كل منضدة (٥٧) ". وأطرى كل النقاد وضوح أسلوبه وقوة حكمه وتصويراته البارعة والروح الإنسانية البارزة في رجل يدافع عن إعادة توزيع الثروة على حين أنه ثري أوتي كل شيء.
ومهما يكن من شيء فإن الفلاسفة أنفسهم انتقدوا "منهج هلفشيوس" باعتباره قائماً على مفاهيم خاطئة. ودافع فولتير عن دعاوى الوراثة. فكل الناس عند الميلاد ليسوا متساويين في التفوق الذهني والخلقي الكامن ورأى أن العقوبات مولودة لا مصنوعة (٥٨). واتفق ديدرو مع فولتير فيما ذهب إليه. وفي تفنيد لكتاب هلفشيوس بعنوان "الإنسان"(كتب في ١٧٧٥، ولكن لم ينشر إلا بعد مائة عام من تأليفه)، دفع ديدرو بأن الأحاسيس تنتقل بأشكال مختلفة الأفراد بغعل الفوارق الموروثة في تركيب المخ وينيته (٥٩)"لا يولد الإنسان غفلاً أو خالياً من كل شيء، حقاً أنه حقاً أنه يولد بدون أفكار أو انفعالات موجهة، ولكنه منذ اللحظة الأولى يوهب استعداد أو ميلاً إلى التصوير والمقارنة والاحتفاظ ببعض الأفكار في تلذذ واستمتاع أكثر من غيرها. وميلاً ونزعات مسيطرة تنتج عنها فيما بعد الانفعالات الواقعية"(٦٠).
وهنا نجد ديدرو، الذي كان قد بدأ بجون لوك بتحول إلى ليبنتز ويمد يده إلى كانت. أن تأثير البيئة والتعليم في نظر ديدرو، محدود دائماً بالوراثة "إننا لا نستطيع أن نعطي ما رفضته الطبيعة، وربما نقضي على ما تهبه الطبيعة .. إن التعليم يعمل على تحسين ما تهبه لنا"(٦١) واستاء من الهبوط بالمناهج الفكرية إلى لذة حسية، واشترك في الاحتجاج العام على فكرة هلفشيوس التي تقول بأن كل الغيرة (حب الغير) أنانية غير محسوسة أو محتجبة.