الذي ترمى إليه من وراء ذلك غوث الطبقات العاملة، وأن تحول بينها وبين أن يذلها الأغنياء ويطحنوها طحن الرحى" (١). وقد بدأ عمله بإلغاء نظام السخرة الذي ظلت الحكومة الصينية تفرضه على الصينيين من أقدم العهود، فكانت تأخذ الناس بمقتضاه من الحقول حين تكون أعمال الزرع أو الحصاد في أشد الحاجة إليهم؛ ومع هذا فإنه أقام أعمالاً هندسية عظيمة لوقاية البلاد من غوائل الفيضان.
ومن أعماله أنه أنقذ الزراع من المرابين الذين كانوا يستعبدونهم، وأقرضهم أموالا بفوائد كانت تعد وقتئذ قليلة ليستعينوا بها على زرع أراضيهم، وأمد الفلاحين بالبذور من غير ثمن، ومنحهم من الأموال ما يعينهم على بناء مساكنهم على شريطة أن يردوا هذه الأموال إلى الدولة من غلات أرضهم. وأنشأ لجاناً في كل مركز من المراكز لتحديد أجور العمال وأثمان ضرورات الحياة. وقد أمم التجارة فكانت الحكومة تبتاع محصول كل إقليم من أقاليم البلاد، وتخزن بعضه في الإقليم ذاته اتقاء للطوارئ المحلية، ثم تنقل ما بقى منه ليباع في مستودعات أقامتها الدولة في سائر أنحاء الإمبراطورية. ثم إنه وضع نظاما لميزانية الدولة، فعين لجنة للميزانية تعرض عليه مقترحاتها وما تقدره من نفقات لكل مصلحة حكومية، وكانت الحكومة تتمسك بهذا التقديرات في إدارة أعمال الدولة، فاقتصدت بذلك كثيرا مما كان يتسرب قبل من الأموال إلى الجيوب الواسعة الخفية التي تعترض طريق كل درهم حكومي. يضاف إلى هذا كله أنه خصص معاشات للشيوخ والمتعطلين والفقراء، وأصلح أساليب التعليم والامتحانات العامة، وابتكر ضروبا من الاختبارات ليعرف بها مقدار ما يعلمه الطلاب من الحقائق لا من الألفاظ، ويستبدل بعناية الناس بالأسلوب الأدبي عنايتهم بتطبيق مبادئ كنفوشيوس على الواجبات العامة والأعمال اليومية. وقلل من اهتمام المعلمين بالشكليات وبالحفظ عن ظهر قلب، وقد أتى على البلاد حين من الدهر