للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولائم العشاء عنده وصالونه في باريس أو في داره الريفية "جراند فال" على حد تعبير هوراس وولبول "قهرمان الفلسفة" وأعدت مدام دي هولباخ كل يوم خميس ويوم أحد المائدة لأثني عشر ضيفاً. ولم يكونوا هم أنفسهم دائماً في كل مرة، ولكنهم كانوا على الأغلب من قادة الحرب ضد المسيحية: ديدرو: هلفشيوس، دالمبير، بولانجيه، ومريليه، سانت لامبرت، مارمونتيل، وأحياناً بيفون، ترجو، وكني، كذلك جاء روسو ولكنه كان يرتاع للألحاد الذي يتدفق من حوله، وهناك كان ديدرو في ذروة الحماسة والعنف، أما الراهب جالباني فقد ابتعد عن الفلسفة حيث أفسد النظرية بالدعابة والسخرية. وكان عقد هذا الكنيس- كما كان البارون يسمى هذه الاجتماعات- يلتئم في الساعة القانية يتجاذبون أطراف الحديث ويأكلون ويتحدثون حتى الساعة السابعة أو الثامنة. وتلك كانت الأيام التي كانت فيها المناقشة أدباً غير مسطور وليس ثمة فوضى المقاطعة أو توافه الأمور. ولم يكن هناك موضوعات محظور الخوض فيها، أو كما قال موريليه "هذا هو المكان الذي تستمع فيه إلى أكثر المناقشة حرية وحيوية وتنويراً وتثقيفاً بالنسبة للفلسفة والدين والحكومة، ولم يكن للهزل أو المزاح الخفيف مجال هناك" … وهناك فوق كل شيء أنار ديدرو عقولنا وألهب نفوسنا (٨٤) وذكر ديدرو نفسه للآنسة فوللان أنهم تحدثوا في الفن والشعر وفلسفة الحب وفكرة الخلود، كما تحدثوا عن الإنسان والآلهة والفضاء والزمن وعن الموت والحياة (٨٥). وقال مارمونتيل "إذا كان الطقس جميلاً استبدلنا بولائم العشاء أحياناً نزهات فلسفية سيراً على الأقدام على ضفاف السين، وكانت وجبة الطعام آنذاك أكلة سمك ضخمة، وكنا نذهب كل منا بدوره إلى أشهر الأماكن بهذا السمك، وعاد إلى سان كلو، وكنا نقصد مبكرين في أحد القوارب لنستنشق نسيم النهر ونعود في المساء عن طريق غابة بولونيا (٨٧).

وبلغ صالون دي هولباخ من الشهرة حداً استخدم معه بعض زوار