باريس من الأجانب نفوذهم للحصول على دعوة ليحضروا هذه اللقاءات. ومن ثم جاء في أوقات مختلفة هيوم وستيرن وجاريك وهوراس وولبول وفرانكلين وبريستلي وآدم سميث وبكاريا. زقد أزعجهم في بعض الأحيان وجود هذا العديد من الملحدين هناك. وكم من مرة سمعنا ديدرو يقول (لروميللي) أنه حين كان هيوم يشك في الوجود الفعلي للملحدين كان البارون يؤكد له "أنك تجلس إلى المائدة مع سبعة عشر (٨٨). " وروى جيبون أن فلاسفة باريس "سخروا من تشكك هيوم الموسوم بالحذر، وبشروا بتعاليم ومعتقدات الملحدين مع نفس التعصب الأعمى لدى الدوجماتيين (الدوجماتية أي الجزمية) توكيد الرأي بغطرسة دون مبرر وتمحيص كافيين وصب اللعنات على المؤمنين في تسخيف وازدراء (٨٩) ". كذلك روى بريستلي أن "كل الفلاسفة الذين تعرفت بهم في باريس كانوا لا يؤمنون بالمسيحية بل صرحوا بأنهم ملحدون (٩٠) " ومهما يكن من أمر فإن موريليه لحظ "أن عدداً كبيراً منا كانوا ملحدين ولم يخجلوا من ذلك. ودافعنا بشدة عن أنفسنا ضد الملحدين، على الرغم من إننا أحببناهم لحسن رفقتهم وصحبتهم". (٩١) ورأى ووليول أن "وكر الفلاسفة" لدى دي هولباخ يؤذي ذوقه الإنجليزي. وما كان أشد امتعاضه حين رأى رينال يعرف عن تجارة إنجلترا ومستعمراتها أكثر مما يعرف هو إلى حد أنه ادعى الصمم. أما بيان هيوم فكان فيه مجاملة بالغة، أن رجال الأدب هنا (في باريس) مقبولون يرتاح المرء إلى معاشرتهم، وكلهم رجال ذوو شهرة واسعة يعيشون في انسجام تام (أو يكاد يكون تماماً) بينهم جميعاً، ولا تشوب أخلاقهم شائبة، وقد يكون مبعث أعظم الرضا عندك ألا يكون بينهم ربوبي واحد. (٩٢) والأرجح أن هذا التصريح يدعو إلى الحيرة والارتباك.
ولكن اتفق رأي الجميع على أن البارون وقرينته كانا مضيفين مثاليين وشخصيتين محببتين إلى النفوس. وعلى حد تعبير جريم: عاشت مدام دي هولباخ لزوجها فقط، فكانت إذا فرغت من الترحيب بضيوف