وافتتن دي هولباخ بالعلم وتوقع من ورائه نهوضاً سريعاً بحياة الإنسان، ومن ثم فإن البارون نظر نظرة عدائية بالغة العداء إلى الكنيسة التي بدا أن سيطرتها على التعليم تسد الطريق أمام المعرفة العلمية، فانتهز كل فرصة لمهاجمة رجال الدين فكتب مقالتي "آباء الكنيسة" و "الحكومة الدينية" لدائرة المعارف. فمنذ ١٧٦٦ فصاعداً نظم مع نيجبون مصنعاً حقيقياً لإخراج الأدب المعادي للكنيسة. ثم ظهر في تعاقب سريع "قائمة القديسين"، "والوقفة المقدسة" و"آباء الكنيسة بغير قناع" و "القساوة الدينية وتحطيم الجحيم" وهنا جاء البشير بأنباء سارة- القضاء على الجحيم.
وفي ١٧٦١ صدر عن هذا الذي أطلق عليه بعضهم معمل الإلحاد كتاب عنوانه "المسيحية في خطر" كتبه أساساً دي هولباخ، ولكنه نسب في صحيفة العنوان إلى بولانجيه الراحل. وبسبب بيع هذا الكتاب اتهم ووصم بالعار أحد الباعة الجائلين وعوقب بالتجديف في السفن الشراعية لمدة خمس سنين. ولقي مثل هذا الجزاء لمدة تسع سنين غلام اشترى هذا الكتاب ليبيعه ثانية (٩٩). وكان الكتاب هجوماً مباشراً على التحالف بين الكنيسة والدولة كما إنه استبق حقاً وصف ماركس للديانة بأنها "أفيون الشعوب".
"إن الديانة هي فن تخدير الناس بالحماسة (وفي القرن الثامن عشر كانت هذه اللفظة تعني الغيرة الدينية) لتحول بينهم وبين مناهضة المساوئ والمظالم التي يعانونها من حكامهم. ولم يعد فن الحكم إلا مجرد الإفادة من أخطاء وخمول الذهن والنفس، وهي ما غرقت فيه الأمم بفعل الخرافة … وبتهديد الناس بالقوى الخفية استطاعت الكنيسة والدولة أن تفرضا على الناس أن يعانوا ويحتملوا في صمت ما يلقون من عنت وشقاء من القوى المرئية، وفرض عليهم أن يأملوا في السعادة في الحياة الآخرة إذا وافقوا على أن يكونوا بائسين في هذه الحياة الدنيا"(١٠٠).
ورأى دي هولباخ في اتحاد الكنيسة والدولة السيئة الجوهرية أو الشر الأساسي في فرنسا. "أني بوصفي مواطناً أهاجم الديانة لأنها تبدو لي ضارة