ولكنه عندئذ كذلك ينصح الحكومات بالحيلولة دون تركيز خطير للثروة. ويقتبس عن طيب خاطر عبارة سانت جيروم الرشيقة اللاذعة "الرجل الغني إما وغد أو وريث أحد الأوغاد (١٣٨) ". في كل الأمم تقريباً لا يملك ثلاثة أرباع الرعايا شيئاً … وإذا استنزف نفر قليل من الناس الممتلكات والثروة في الدولة، لأصبحوا سادة هذه الدولة المتحكمين فيها. ويبدو أن الحكومات أهملت هذه الحقيقة إهمالاً تاماً (١٣٩) … وإذا توقف إرادة الشعب أو القانون عن حفظ التوازن حتى بين مختلف أعضاء المجتمع، فإن خمول بعض الناس مع الاستعانة بالقوة والخدع والإغراء ينجح (أي الخمرل) في الاستيلاء على ثمار جهود الآخرين وعملهم (١٤٠).
وفي رأي دي هولباخ أن كل الملوك يتحالفون مع الأقلية البارعة الذكية لاستغلال أغلبية الشعب- ويبدو أنه كان يفكر في لويس الخامس عشر. "إنا لا نرى على وجه هذه البسيطة إلا ملوكاً جائرين ظالمين، أوهنهم البذخ والترف وأفسدهم الرياء والملق، كما لوث الفجور والفسق أخلاقهم، ودفعهم الدنس والرجس إلى الشر والخبث، لا يتحلون بأية مواهب أو قدرات أو بمكارم الأخلاق، عاجزين عن بذل أي جهد لخير الدولة التي يحكمونها. ومن ثم فإنهم لا يهتمون إلا قليلاً بمصلحة شعوبهم، مستهترون بواجباتهم التي غالباً ما يجهلونها في الواقع. إنهم إنما تتملكهم الرغبة في تحقيق أطماعهم التي لا حد لها، ولذلك يشغلون أنفسهم بحروب عقيمة فيها فناء السكان، ولا يشغلون أذهانهم أبداً بهؤلاء الرعايا، وهم أهم من أجل سعادة أمتهم (١٤١).
وواضح أن تفكير دي هولباخ اتجه إلى الحكومة الفرنسية، فأندفع ينتقد بشدة تكليف رجال المال بمهمة جمع الضرائب، أي تعيينهم ملتزمين عامين. ويهجو هؤلاء الملتزمين: "إن الحاكم المستبد الطاغية يلجأ إلى