طائفة من المواطنين الذين يهيئون له وسائل تحقيق جشعه في مقابل منحهم الحق في انتزاز أموال الآخرين دون عقاب … أنه بسبب غفلته وعماه لا يدرك أن الضرائب المفروضة على رعاياه تتضاعف وإن المبالغ التي تذهب إلى جيوب هؤلاء المبتزين وتزيد ثرائهم تضيع عليه هو نفسه، وأن جمهور العامة الذليل الخاضع قد يرتشي في غمار الحيرة ليشن حرباً على الأمة … إن هؤلاء اللصوص (الملتزمون العامون) إذ تزداد ثرواتهم يثيرون حقد النبلاء وحسد مواطنيهم … وتصبح الثروة هي الدافع الوحيد … والظمأ إلى الذهب يتملك كل القلوب (١٤٢).
"إن الأرستقراطي الرخي البال يتحدث أحياناً كما يتحدث أشد الشبان القلقين المغمورين غضباً"، هل ينبغي على الأمم أن تعمل دون كلل ولا ملل لإرضاء غرور حفنة من مصاصي الدماء، وتوفير أسباب البذخ والترف لهم وإشباع نهمهم (١٤٣)"؟. أنه في هذه الحالة النفسية يردد صدى كلمات صديقه السابق روسو في كتابه (العقد الاجتماعي):
"أن الإنسان شرير لا لأنه ولد كذلك بل لأنهم صيروه شريراً. أن العظماء وذوي السيطرة والقوة يستحقون الفقراء المعوزين والبؤساء دون عقاب. إن هؤلاء يغامرون بحياتهم في سبيل الثأر مما لحق بهم من أذى وشر. إنهم يهاجمون جهراً أو سراً البلد الذي هو بالنسبة لهم زوجة أب تعطي لبعض أبنائها كل شيء وتحريم الآخرين من أي شيء … والإنسان في كل مكان تقريباً عبد رقيق. ويتبع هذا بالضرورة أن يكون حقيراً أنانياً مرائياً منافقاً بلا شرف، وباختصار يتصف بكل رذائل الدولة التي هو فرد فيها. أن هذا الإنسان في كل مكان مخدوع مضلل يشجع على الجهل، محروم من استخدام عقله، فلابد أن يكون بطبيعة الحال في كل مكان غبياً غير متعقل شريراً، وهو في كل مكان يرى امتداح الرذيلة والجريمة وتكريمها. ويستخلص من هذا أن الرذيلة حسنة، وأن الفضيلة تضحية لا غناء … وإذا كانت الحكومات مستنيرة مشغولة جدياً بتربية الشعوب