وتعليمها ومصلحتها وإذا كانت القوانين عادلة، فلتن يكون من الضروري التماس أحلام وأوهام مالية في حياة أخرى يثبت دائماً أنها ناقصة غير وافية أمام انفعالات الإنسان الحانقة وحاجاته الحقيقية (١٤٤).
وكيف يتسنى إيقاف هذا الاستغلال؟ إن أول خطوة في هذا السبيل هي إلغاء الحكم الاستبدادي المطلق. "إن الحكم المطلق لابد أن يفسد بالضرورة قلب من يتولاه وعقله (١٤٥) … ويجب دائماً أن تخضع سلطة الملوك لممثلي الشعب، كما يجدر أن يعتمد هؤلاء الممثلون باستمرار على إرادة الملوك لممثلي الشعب، كما يجدر أن يعتمد هؤلاء الممثلون باستمرار على إرادة ناخبيهم (١٤٦) " وهنا مناداة بدعوة مجلس الطبقات المشئوم ١٧٨٩. "ومن حيث أن أية حكومة تستمد سلطتها من رضا المحكومين" فإن أي مجتمع يمكنه في أي وقت أن يسحب هذه السلطات إذا لم تعد الحومة تمثل الإرادة العامة (١٤٧)". وهنا يتمثل صوت روسو والثورة.
ولكن الثورة، بثمن غال أحياناً، تهدم الماضي وتقضي عليه لكي تقيمه من جديد تحت شعار آخر وبصيغة أخرى: "لا يمكن شفاء جراح الأمة عن طريق الاضطرابات العنيفة والصراعات وقتل الملوك والجرائم العقيمة. إن هذه العلاجات العنيفة هي دائماً أشد قسوة من المساوئ المقصود القضاء عليها أو التخلص منها .. أن صوت العقل ليس مثيراً للفتنة وليس متعطشاً للدماء. ويمكن أن تكون الإصلاحات التي يهدف إليها متأنية ولكنها لذلك تتوخى خير تخطيط (١٤٨).
إن الناس بعيدون عن الكمال وليس في مقدورهم أن يصنعوا دولاً بالغة حد الكمال. واليوتوبيا (المدينة الفاضلة) ضرب من الأوهام "تتعارض مع طبيعة الكائن" بآلته الواهنة المعرضة للخلل وخياله المتوقد الذي لا يصغي دائماً لهدى العقل … أن الوصول بالسياسة إلى مرتبة الكمال لن يكون إلا الثمرة البطيئة لخبرة قرون (١٤٩). وليس التقدم خطاً مستقيماً بل هو خط طويل ونحن نحتاج إلى أجيال كثيرة من التعليم والخبرة لتبيان أسباب العلل أو الأمراض الاجتماعية ووسائل البرء منها. والديمقراطية مثل أعلى