وانتقلت العاصمة من بيان لينج (وهي الآن كايفنح) إلى لين - آن (هانج تشاو الآن).
وبدت مظاهر العز والنعمة في العاصمة الجديدة كما كانت في العاصمة القديمة، وأقبل التجار من كل فج ليبتاعوا منتجات الصناعة الصينية والفن الصيني. وضرب الإمبراطور هوى دوزنج نفسه (١١٠١ - ٢٥) لشعبه أروع الأمثال في بيان - ليانج بأن كان فناناً قبل أن يكون حاكما، فكان في الوقت الذي يهاجم فيه البرابرة عاصمة ملكه يشتغل برسم الصور الفنية. وقد أنشأ مجمعاً للفن بعث النشاط في الفنون بما كان يعرض فيه من روائعها وما يغدقه على الفنانين من جوائز جعلت الفنون أكبر مفاخر أسرة سونج وأجدرها بتخليد ذكراها في سجلات الحضارة الإنسانية.
وقد حوت المتاحف وقتئذ مجموعات موحية من النقوش الفنية على البرنز وأحجار اليشب ومن الصور الزيتية والمخطوطات؛ وأنشئت في البلاد دور الكتب التي بقى بعضها بعد أن زالت أمجاد الحروب، وكانت كلتا العاصمتين الشمالية والجنوبية كعبة يحج إليها العلماء والفنانون.
وفي أيام هذه الأسرة دخلت الطباعة البلاد فأحدثت في حياة الصين الأدبية ثورة كاملة وإن لم يدرك الناس مداها وقتئذ، وكان هذا الفن قد نما شيئاً فشيئاً في خلال القرون الطوال حتى بلغ أوجه في أيام تلك الأسرة، فأتم مرحلتيه الكبيرتين إذ صنعت الألواح المحفورة لتطبع عليها صفحات كاملة، وصُفت الحروف المفككة المفردة، من المعادن المجموعة في القوالب. وكان هذا الاختراع الصيني الخالص (٤) أعظم اختراع في تاريخ الجنس البشري بعد الكتابة.
وكانت الخطوة الأولى في هذا الاختراع العظيم هي كشف مادة تكون الكتابة عليها أسهل منها على الحرير أو الغاب الذين قنع بهما الصينيون. ذلك أن الحرير غالي الثمن والغاب ثقيل، وقد احتاج مودى في تجواله إلى ثلاث