احتفظ في سن الخمسين بما اعتنق من آراء في سن العشرين، أو في سن السبعين، بآرائه حين كان في الخمسين؟ إن فولتيرناقض نفسه إلى أبعد الحدود، لأنه عمر طويلاً وكتب كثيراً، فكانت آراؤه من فيض رؤيته كلما تقدمت به السنون (١).
وفي سيري حوالي ١٧٣٤ حاول أن يصوغ أفكاره حول الأشياء الأولى والأخيرة في "رسالة في الميتافزيقا" وقبل أن يجعل بالي المقارنة مأوفة لدى اإنجليز بعدة سنين ذكر فولتير لأنه من المنطق التسلسم بذهن ذي عاقل في الكون مثلما هو منطقي افتراض أن الساعاتي قد صنع الساعة. ففي كلتا الحالتين رأى دليلاً على التصميم والتخطيط في تهيئة وسائل معينة لغايات بعينها. ولكن كما أن الساعة ولو أنها من تصميم العقل تعمل وفق قوانين ثابتة، فكذلك الكون. وليس ثمة معجزات. ولكنه إلى حد ما لم يستطع أن يطرح جانباً الشعور بأن الإرادة الإنسانية، بطريقة خفيفة ولدرجة بسيطة حرة. على الرغم من أنه عرف تماماً أن الاختيار الحر المطلق حين يتصرف في عالم ميكانيكي لابد أن يفسد آليته أو طبيعتة تريب أجزائه. والذهن شكل من أشكال المادة وظيفة من وظائفها. ويقول فولتير متبعاً في ذلك لوك. "ينبغي أن نقرر أنه من اليسير جداً على الله أن يضيف إلى المادة فكراً. (٢) وقدرة المادة على التفكير ليست معجزة أكبر من إمكان تأثير الذهن غير المادي على الجس المادي. والنفس ليست إلا حياة الجسم وتفنى بفنائه، وليس ثمة وحي مقدس سوى الطبيعة نفسها، وهذا كافٍ، وهو معين لا ينضب. وقد يكون ثمة بعض النفع في الدين ولكن الرجال الأريب لا يحتاج إليه تعزيزاً لفضيلة. وغالباً ما استخدمه رجال على مدى التاريخ لإرباك أذهان الناس، على حين ابتز الملوك أموالهم. وينبغي تعريف الفضيلة على أساس الخير الاجتماعي لا على أساس طاعة الله، ويجب ألا تتوقف على الثواب والعقاب بعد الموت.
وقرأ فولتير في هذه الصفحات المس والسبعين على مدام ي شاتيليه