وعليك أن تختبر عقولهم .. ولست آسف على شيء حين تدهمني المنون إلا على أني لن أتمكن من معانتك في هذه المهمة النبيلة" (٧٥).
وسخر فردريك من سذاجة هذا الشيخ الهرم، ولكن فولتير أصر وثابر، مما كان اه كما سنرى فيما بعد، بعض الأثر على وزراء فرنسا والبرتغال وأسبانيا.
ورحب باهون أقل شأناً وكتب نصائح رسولية إلى بورد في ليون، وسرفان في جرينوبل، وبيير روسو في بويون، وأودبير في مرسيليا، وريبوت في مونتوبان، ومركيز دار جنس في شارنت، وإلى الراهب أودرا في تولوز. وأطلق على هؤلاء جميعاً وغيرهم اسم "الإخوة"، وأرسل إليهم بالمادة والنداءات يستحثهم ويحفزهم حتى لا يغلب عليهم النعاس. "شنوا الحرب أيها الإخوة جميعاّ ببراعة على الرجس. إن كل ما يهمني هو نشر الإيمان والحقيقة والنهوض بالفلسفة، والقضاء على الخزي والعار. اشربوا معي نخب أفلاطون (ديدرو) وأمحوا الرجس. إني أعانقكم أيها الإخوة جميعاً .. إن صحتي تدعو إلى الإشفاق .. امحوا الرجس. إني احتضن أوتي في كنفوشيوس .. في لوكر يشس، في شيشرون، في سقراط، في ماركس أوربليوس، في جوليان، وفي شيوخنا الإجلاء جميعاً. إني أمنح بركتي للإخوة جميعاً. صلوا ارقبوا أيها الإخوة، اقضوا على الرجس" (٧٦).
وباتت الكتب الآن أسلحة بات الأدب حرباً. ولم تقتصر الأمور على دخول ديدرو ودالمبير وهلفشيوس ورينال وموريلليه وكثير وغيرهم بأقلامهم في المعرهة. ولكن فولتير الذي كان يحتضر دائماً أصبح مستودعاً حقيقياً للقذائف ضد رجال الدين، وأخرج على مدى عشر سنين نحو ثلاثين كتيبا. ولم يكن يؤمن بفعالية المجلدات الضخمة فهو يقول: "أي أذي ينج عن كتاب (الموسوعة مثلاً) يكلف مائة كروان .. إن عشرين مجلداً من القطع الكبير لن يفجروا ثورة أبداً. إنها المجلدات الصغيرة السهلة الحمل القليلة