الناس الذين لاهم لهم إلا الوحشية والسكر والسلب والنهب، ويمكنكم إذا أردتم أن تعظوهم بأن نفس الإنسان فانية. أما أن فسوف أصرخ في آذانهم بأنهم إذا سلبوني فسيكونون مذنبين لا محالة" (١٠٧).
ونختتم بأن في مقدور الشيطان أن يقتبس من فولتير ما يحقق أغراضه أي ما يؤيد الشيطان نفسه. وبعد المناداة بديانة متحررة من الخرافات (١٠٨)، وأنهى المتشكك الكبير أسوأ الخرافات، إنه قد طالب بديانة تقتصر على غرس الفضائل والأخلاق القويمة (١٠٩). أما الآن فهو يسلم بأن الناس العاديين لا يمكن أن يكونوا بمنأى عن ارتكاب الجرائم إلا عن طريق دين فيه جنة ونار أو نعيم وجحيم، وللكنيسة أن تقول إنه تاب وأناب.
وفي سن الثانية والسبعين أعاد فولتير صياغة معتقده تحت العنوان المهذب "الفيلسوف الاهل" (١٧٦) إنه في البداية يعترف بأنه لا يعرف ما هي المادة وما هو الذهن، ولا يعرف كيف يفكر ولا يعرف كيف يحرك فكره ذراعه (١١٠)، إنه يسأل نفسه سؤالاً من الواضح أنه يدر بخلده من قبل: أمن الضرورة لي أن أعرف؟ ولكنه يضيف "أنا لا أستطيع أن أجرد نفسي من الرغبة في التعليم والمعرفة. أن حب الاستطلاع الذي يبعث على الحيرة والارتباك عندي، لا يشبع ولا يقف عند حد مطلفاً" (١١١) وهو الآن مقتنع بأن الإرادة غير حرة: "أن الجهول الذي يرى هذا لم يفكر دائماً هكذا، ولكنه في النهاية مضطر إلى الاستسلام" (١١٢). هل يوجد هناك إله؟ نعم، وهو العقل وراء "النظام والفن المذهل والقوانين الميكانيكيةوالهندسيةالتي تكم الكون (١١٣). ولكن هذا العقل الأسمي معروف لدينا فقط بوجوده لا بطبيعته. "أيها الإنسان الفاني البائس. إذا كنت لا أدرك عقلي، وإذا كنت لا أعرف ماذا ينفخ في الحياة، فكيف تكون لي أية دراي بهذا العقل الذي يجل عن الوصف والذي من الواضح أنه يتحكم في الكون؟ … ولكنا من صنعه وتدبيره"(١١٤).
ويميل فولتير إلى الاعتقاد بأنه لم يكن ثمة خلق في وقت معين، وأن الدنيا