سحر نثره وظرفه، وفي مدى تفكيره وتأثيره. ورفرفت روحه مثل اللهب فوق القارة وفوق القرن. كما أنها تثير وتهز مليون نفس في كل جيل.
وربما أسرف في كراهيته، ولكن علينا أن نتذكر الاستفزاز والإثارة، ونتصور أنفسنا عائدين إلى الوراء في عصر كان الناس يحرقون فيه على الخازوق، أو تقطع ايديهم وارجلهم من خلاف بسبب الارتداد عن الديانة التقليدية. وقد نرى المسيحية الآن أفضل مما كانت عليه أو مما رآها هو آنذاك، لأنه ناضل وأصاب بعض النجاح للتخفيف من تعاليمها وحدتها. ويمكن أن نحس بقوة وروعة العهد القديم وجمال العهد الجديد وسموه، لأننا أحرار في أن نفكر فيهما بأعتبارهما من عمل وإيحاء رجال غير معصومين من الخطأ. ويمكن أن نكون شاكرين ومقدرين لاخلاق المسيح لأنه لم يعد يهددنا بالجحيم، أو يصب اللعنة على الناس والمدن التي لاتستمع إليه (١٣٧).
ويمكن أن نحس نبل القديس فرانسيس الأسيسى لأنه لم يعد يطلب منا أن نصدق أن القديس فرانسيس أكسافيير كان يسمع في عدة لغات على حين كان يتحدث بلغة واحدة، ويمكن أن نحس بشعر الطقوس الدينية وبالمسرحية في هذه الطقوس، حيث تركنا الأنتصار العابر للتسامح أحرارا في أن نتعبد أو نمتنع عن العبادة. ويمكن أن نتقبل مائة أسطورة بأعتبارها رموز عميقة أو مجازات منيرة موضحة، لأننا لم نعد يطلب منا أن نتقبل خفيقتها الحرفية. وتعلمنا أن نتعاطف مع ماكنا يوماً نحبه. وكان علينا أن نتخلى عنه، عندما نستعيد أجمل الذكريات لما كنا نحب في شبابنا. ولمن، أكثر من أي رجل واحد آخر، ندين بفضل هذا التحرر العزيز علينا والذي يعتبر فاتحة عصر جديد؟ أننا ندين بهذا الفضل لفولتير.